×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثاني

حَتَّى يُبْهِرَ كُلَّ سَامِعٍ ونَاظِرٍ فلا يَزَالُ كَذَلِكَ إِلَى أَنْ يَصْمُتَ، ويَقَعُ عَلَيْهِ إِذْ ذَاكَ مِنَ المَهَابَةِ مَا يُرْعِدُ القُلُوبَ ويُحَيِّرُ الأَبْصَارَ والعُقُولَ، وكَانَ لا يَذْكُرُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ قطٌّ إلاَّ ويُصَلِّي ويُسَلِّمُ عَلَيْهِ، ولا واللَّه مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَشَدُّ تَعْظِيمًا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ ولا أَحْرصُ عَلَى اتِّبَاعِهِ ونَصْرِ مَا جَاءَ بِهِ مِنْهُ، حَتَّى إِذَا كَانَ أَوْرَدَ شَيْئًا من حَدِيثِهِ في مَسْأَلَةٍ ويَرَى أَنَّهُ لَم يَنْسَخْهُ شَيْءٌ غَيْرُهُ من حَدِيثِهِ يَعْمَلُ بِهِ ويُفْتِي بِمُقْتَضَاهُ، ولا يَلْتَفِتُ إِلَى قَوْلِ غَيْرِهِ مِنَ المَخْلُوقِينَ كَائِنًا من كَانَ، وقَالَ: كُلُّ قَائِلٍ إِنَّمَا يَحْتَجُّ لِقَوْلِهِ لا بِهِ إلاَّ رَسُولَ اللَّهِ، وكَانَ إِذَا فَرَغَ من دَرْسِهِ يُقْبِلُ عَلَى النَّاسِ بِوَجْهٍ طَلْقٍ بِشِيشٍ وخُلُقٍ دَمِثٍ، ورُبَّمَا اعْتَذَرَ إِلَى بَعْضِهِم مِنَ التَّقْصِيرِ في المَقَالِ مَعَ ذَلِكَ الحَالِ، ولَقَدْ كَانَ دَرْسُهُ الَّذِي يُورِدُهُ حِينئِذٍ قَدْرُ عِدَّةُ كَرَارِيسَ، وهَذَا الَّذِي ذَكرتُهُ من أَحْوَالِ دَرْسِهِ أَمرٌ مَشْهُورٌ يُوَافِقُنِي عَلَيْهِ كُلَّ حَاضِرِيهِ، وهُم بِحَمْدِ اللَّهِ خَلْقٌ كَثِيرٌ لَم يُحْصَرْ عَدَدُهُم، عُلَمَاءَ، ورُؤَسَاءَ، وفُضَلاَءَ مِنَ القُرْآنِ والمُحدثين والفُقَهَاءَ والأُدَبَاءَ، وغَيْرَهُم من عَوَامِ المُسْلِمِينَ. انْتَهَى

كَلاَمُ البزَّار في كِتَابِ الأَعْلاَمِ العَلِيَّةِ عَنْ حَيَاةِ شَيْخِ الإِسْلاَمِ ابْنِ تِيمِية.

·       مُؤَلَّفَاتُهُ العَظِيمَةُ:

لَقَدْ خَلَّفَ رحمه الله لِلمَكْتَبَةِ الإِسْلاَمِيَّةِ ثَرْوَةً ضَخْمَةً مِنَ المُؤَلَّفَاتِ القَيِّمَةِ الَّتِي تَحْمِلُ التَّحْقِيقَ والتَّدْقِيقَ والتَّجْدِيدَ لِدِينِ اللَّهِ في مُخْتَلِفِ الفُنُونِ، والَّتِي تَرُدُّ الزَّيْفَ والدَّخِيلَ والدَّجَلَ والتَّضْلِيلَ، قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ: ومَا أَبْعُدُ أَنَّ تَصَانِيفُهُ إِلَى الآنِ تَبْلُغُ خَمْسَمِائَةِ مُجَلَّدٍ.


الشرح