×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثاني

بِٱلۡأُنثَىٰۚ فَمَنۡ عُفِيَ لَهُۥ مِنۡ أَخِيهِ شَيۡءٞ فَٱتِّبَاعُۢ بِٱلۡمَعۡرُوفِ [البقرة: 178]، فعفي لَهُ يَعْنِي: القَاتِلُ، ومِنْ أَخِيهِ يَعْنِي: المَقْتُولُ، فَسُمِّيَ القَتِيلُ أَخًا لِلقَاتِلِ، مَعَ أَنَّ القَتْلَ كَبِيرَةً من كَبَائِرِ الذُّنُوبِ، ومَعَ هَذَا جَعَلَهُمَا أَخَوَيْنِ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الكَبَائِرَ الَّتِي هِيَ دُونَ الشِّرْكِ لا تَخْرُجُ مِنَ المِلَّةِ.

ظَاهِرَةُ التَّبْدِيع

****

البِدْعَةُ عَرَّفَهَا أَهْلُ السُّنَّةِ والجَمَاعَةِ بِأَنَّهَا: مَا أُحْدِثَ في الدِّينِ مِمَّا لَيْسَ مِنْهُ، فَمَنْ جَاءَ بِعِبَادَةٍ يَتَقَرَّبُ بِهَا إِلَى اللَّهِ وهِيَ لَم تَكُنْ في دِينِ اللَّهِ ولَيْسَ لَهَا دَلِيلٌ مِنَ الكِتَابِ أو مِنَ السُّنةِ فَهَذِهِ هِيَ البِدْعَةُ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» ([1]) وفي رِوَايَةٍ: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ» ([2])؛ لأَِنَّ الوَاجِبَ عَلَى المُسْلِمِينَ أَنْ يَقْتَصِرُوا عَلَى مَا شَرَعَهُ اللَّهُ ورَسُولُهُ مِنَ العِبَادَاتِ، فلا يَزِيدُونَ شَيْئًا لَم يُشَرِّعْهُ اللَّهُ ورَسُولُهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ تَعَالَى: ﴿بَلَىٰۚ مَنۡ أَسۡلَمَ وَجۡهَهُۥ لِلَّهِ وَهُوَ مُحۡسِنٞ فَلَهُۥٓ أَجۡرُهُۥ عِندَ رَبِّهِۦ وَلَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ [البقرة: 112]، فَأَسْلَمَ وجْهَهُ لِلَّهِ يَعْنِي: جَاءَ بِالتَّوْحِيدِ الخَالِصِ، وهُوَ مُحْسِنٌ أَي: مُتَّبِعٌ لِلرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم عَامِلاً بِمَا جَاءَ بِهِ، ولَم يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ، أَمَّا الَّذِي زَادَ في العِبَادَةِ شَيْئًا لَم يُشَرِّعْهُ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم فَهَذَا مُبْتَدِعٌ ولَيْسَ مُحْسِنًا؛ لأَِنَّ تَفْسِيرَ شَهَادَةِ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ أَيَّ طَاعَتُهُ فِيمَا أَمَرَ، وتَصْدِيقُهُ فِيمَا أَخْبَرَ، واجْتِنَابُ مَا نَهَى عَنْهُ وزَجَرَ، وأَلاَّ يُعْبَدَ اللَّهَ إلاَّ بِمَا شَرَعَ، فَهَذَا مُقْتَضى شَهَادَةُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (2550)، ومسلم رقم (1718).

([2])  أخرجه: مسلم رقم (1718).