×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثاني

كَمَا قَالَ تعالى: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَغۡفِرُ أَن يُشۡرَكَ بِهِۦ وَيَغۡفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَآءُۚ [النساء: 48] وكَمَا في الحَدِيثِ: «أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ أَدْنَى أَدْنَى مِثْقَالِ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ» ([1]).

فَمَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ والجَمَاعَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى الأَدِلَّةِ مِنَ الكِتَابِ والسُّنَّةِ، وهُوَ مَذْهَبُ الاعْتِدَالِ الوَسَطِيَّةِ، لأَِنَّهُ وسَطٌ بَيْنَ الفِرَقِ الضَّالَّةِ، كَمَا أَنَّ الأُمَّةَ الإِسْلاَمِيَّةَ وسْطٌ بَيْنِ الأُمَمِ الكَافِرَةِ، قَالَ - تَعَالَى: ﴿وَكَذَٰلِكَ جَعَلۡنَٰكُمۡ أُمَّةٗ وَسَطٗا لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ وَيَكُونَ ٱلرَّسُولُ عَلَيۡكُمۡ شَهِيدٗاۗ [البقرة: 143].

أَدِلَّةُ عَدَمِ خُرُوجِ الفَاسِقِ مِنَ الإِيمَانِ

****

مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الفَاسِقَ لَيْسَ خَارِجًا مِنَ الإِيمَانِ أَنَّ اللَّهَ تعالى أَمَرَ بالإِصْلاَحِ بَيْنَ المُتَقَاتِلِينَ، فَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ٱقۡتَتَلُواْ فَأَصۡلِحُواْ بَيۡنَهُمَاۖ [الحجرات: 9]، فاللَّهُ تعالى جَعَلَ الطَّائِفَتَيْنِ مِنَ المُؤْمِنِينَ مَعَ أَنَّهُمَا يَقْتَتِلاَنِ ﴿فَأَصۡلِحُواْ بَيۡنَهُمَاۖ فَإِنۢ بَغَتۡ إِحۡدَىٰهُمَا عَلَى ٱلۡأُخۡرَىٰ فَقَٰتِلُواْ ٱلَّتِي تَبۡغِي حَتَّىٰ تَفِيٓءَ إِلَىٰٓ أَمۡرِ ٱللَّهِۚ فَإِن فَآءَتۡ فَأَصۡلِحُواْ بَيۡنَهُمَا بِٱلۡعَدۡلِ وَأَقۡسِطُوٓاْۖ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُقۡسِطِينَ [الحجرات: 9] ثُمَّ قَالَ تَعَالَى -: ﴿إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِخۡوَةٞ فَأَصۡلِحُواْ بَيۡنَ أَخَوَيۡكُمۡۚ [الحجرات: 10].

فَجَعَلَ اللَّهُ المُقْتَتِلِينَ أَخَوَيْنِ لِلمُؤْمِنِينَ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الكَبِيرَةَ الَّتِي هِيَ دُونَ الشِّرْكِ لا تَخْرُجُ من دَائِرَةِ الإِيمَانِ.

ومِنْ ذَلِكَ: قَوْلُهُ تعالى لَمَّا حَكَمَ بالقِصَاصِ لأَِوْلِيَاءَ القَتِيل مِنَ القَاتِلِ: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيۡكُمُ ٱلۡقِصَاصُ فِي ٱلۡقَتۡلَىۖ ٱلۡحُرُّ بِٱلۡحُرِّ وَٱلۡعَبۡدُ بِٱلۡعَبۡدِ وَٱلۡأُنثَىٰ


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (22)، ومسلم رقم (184).