ومِنْ أَعْظَمِ الأَمْرِ بالمَعْرُوفِ
والنَّهْيِ عَنِ المُنْكَرِ النَّهْيَ عَنِ التَّبْدِيع والتفسِيق والتَّكْفِيرِ
بِغَيْرِ حَقٍّ، فَهُم يَنْهُونَ عَنْ ذَلِكَ ويُحَذِّرُونَ مِنْهُ، وشُغْلُهُم
الشَّاغِلُ هُوَ العَمَلُ الصَّالِحُ، يَأْمُرُونَ بِهِ، ويَفْعَلُونَهُ، ويَتَفَقَّهُونَ
فِيهِ، هَذَا عَمَلُهُم: ﴿وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ﴾ [التوبة: 71]، يَنْفَعُونَ أَنْفُسَهُم ويَنْفَعُونَ
غَيْرَهُم ﴿وَيُطِيعُونَ
ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓۚ﴾
[التوبة: 71].
ومِنْ
أَعْظَمِ طَاعَةِ اللَّهِ ورَسُولِهِ أَنَّهُم يَحُثُّونَ عَلَى الاجْتِمَاعِ
عَلَى كِتَابِ اللَّهِ - تَعَالَى - وسُنَّة رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم وعَلَى
التَّآلُفِ والتَّآخِي في اللَّهِ، لأَِنَّ المُؤْمِنِينَ جَعَلَهُم اللَّهُ
إِخْوَةً كَمَا قَالَ: ﴿فَأَصۡبَحۡتُم بِنِعۡمَتِهِۦٓ إِخۡوَٰنٗا﴾ [آل عمران: 103] ﴿إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِخۡوَةٞ﴾ [الحجرات: 10].
فَأُخُوَّةُ
الإِيمَانِ عِنْدَهُم أَوْثَقُ من أُخُوَّةِ النَّسَبِ، فَهُم يُحَافِظُونَ عَلَى
هَذِهِ الأُخُوَّةِ، وهَذَا من مَنْهَجِ أَهْلِ الإِيمَانِ.
أَمَّا
أَهْلُ النِّفَاقِ وفِيهِم الفِرَقُ الضَّالَّةُ فَصِفَتُهُم كَمَا قَالَ اللَّهُ
- تَعَالَى: ﴿ٱلۡمُنَٰفِقُونَ
وَٱلۡمُنَٰفِقَٰتُ بَعۡضُهُم مِّنۢ بَعۡضٖۚ يَأۡمُرُونَ بِٱلۡمُنكَرِ وَيَنۡهَوۡنَ
عَنِ ٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَقۡبِضُونَ أَيۡدِيَهُمۡۚ نَسُواْ ٱللَّهَ فَنَسِيَهُمۡۚ
إِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ هُمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ﴾
[التوبة: 67] فَصِفَاتهم عَلَى عَكْسِ صِفَاتِ المُؤْمِنِينَ تَمَامًا.
ظَاهِرَةُ التَّبْدِيع والتفسِيق والتَّكْفِيرِ
****
لَقَدْ ظَهَرَتْ في هَذَا الزَّمَانِ بَيْنَ أَوْسَاطِ الشَّبَابِ خَاصَّةً، وبَيْنَ أَوْسَاطِ بَعْضِ المُسْلِمِينَ الَّذِينَ يَجْهَلُونَ حَقِيقَةَ الإِسْلاَمِ، بِأَنْ تَكُونَ عِنْدَهُم غَيْرَةٌ زَائِدَةٌ، أو حَمَاسَةٍ في غَيْرِ مَحَلِّهَا، ظَهَرَتْ عِنْدَهُم ظَاهِرَةُ التَّكْفِيرِ والتفسيق والتبْدِيع، وصَارَ شَغْلُهُم الشَّاغِلُ في كُلِّ أُمُورِ حَيَاتِهِم هَذِهِ الصِّفَاتِ المَذْمُومَةَ مِنَ البَحْثِ والتَّنْقِيبِ عَنِ المعائب وإِظْهَارِهَا ونَشْرِهَا حَتَّى تَشْتَهِرَ،