×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثاني

عَلَى هَذَا المَنْهَجِ يُوَالِي بَعْضُهُم بَعْضًا، ويَأْلَفُ بَعْضُهُم بَعْضًا، ويَرْحَمُ بَعْضُهُم بَعْضًا، ويُوَقِّرُ بَعْضُهُم بَعْضًا، لأَِنَّهُم جَسَدٌ واحِدٌ، وبُنْيَانٌ واحِدٌ، وأُمَّةٌ واحِدَةٌ، يَغَارُ بَعْضُهُم عَلَى بَعْضٍ، ويحترم بَعْضُهُم بَعْضًا، وهَذِهِ الأُمُورُ هِيَ سِمَةُ أَهْلِ السُّنَّةِ والجَمَاعَةِ.

أَمَّا المُخَالِفُونَ لأَِهْلِ السُّنَةِ والجَمَاعَةِ فَسِمَتُهُم التَّبْدِيع، والتَّفْسِيق، والتَّكْفِير، في كُلِّ زَمَانٍ ومَكَانٍ.

أَثَرُ ظُهُورِ الفِرَقِ الضَّالَّةِ: وعِنْدَمَا ظَهَرَتِ الفِرَقُ المُخَالِفَةُ لأَِهْلِ السُّنَةِ والجَمَاعَةِ نَتَجَ عَنْ ذَلِكَ مُضَاعَفَاتٍ قَبِيحَةٍ وإِفْرَازَاتٍ سَيِّئَةٍ، أَثَّرَتْ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ، فَتَأَثَّرُوا بِهَا، وتَوَارَثُوهَا، وصَارُوا يَبْعَثُونَهَا ويَنْشُرُونَهَا في كُلِّ وقْتٍ مَهْمَا واتَتْ لَهُم الفُرْصَةَ، وذَلِكَ بِإِمْلاَءٍ من شَيَاطِينَ الجِنِّ والإِنْسِ، وهَذَا خَطَرُهُ عَظِيمٌ؛ لأَِنَّهُ يَقْضِي عَلَى وحْدَةِ الأُمَّةِ الإِسْلاَمِيَّةِ، ومِنْ هَذِهِ المُضَاعَفَاتِ القَبِيحَةِ والإِفْرَازَاتِ السَّيِّئَةَ لِهَذِهِ الفِرَقِ الضَّالَّةِ ظَاهِرَةُ التَبْدِيعِ والتَفسِيقِ والتَّكْفِيرِ، يَنْشُرُهَا من ورِثَهُم من أَتْبَاعِهِم، بَلْ هِيَ أَصْلُ مَنْهَجِهِم.

وعَلاَمَةُ أَهْلِ السُّنَّةِ والجَمَاعَةِ هِيَ سَلاَمَتُهُم من هَذِهِ الأَمْرَاضِ، وعَلاَمَةِ المُخَالِفِينَ لَهُم اتِّصَافُهُم بِهَذِهِ الأَمْرَاضِ الخَبِيثَةِ الوَبَائِيَّةِ الَّتِي هِيَ التَّبْدِيع والتَّفْسِيق والتَّكْفِير، والاشْتِغَالُ بِهَا، مَهْمَا تَطَاوَلَ الزَّمَنُ ومَهْمَا تَنَوَّعَت ِالأَسَالِيبُ، ويَبْعَثُ هَذِهِ الآفَاتِ والأَوْبِئَةَ مَنْهَجُ الفِرَقِ الضَّالَّةِ، لأَِنَّ مَنْهَجََ أَهْلِ السُّنَّةِ والجَمَاعَةِ هُوَ: الابْتِعَادُ عَنْ هَذِهِ الأُمُورِ المَذْمُومَةِ، والتَّفَقُّهُ في دِينِ اللَّهِ عز وجل والتَّمَسُّكُ بِمَا في كِتَابِ اللَّهِ وسُنَّةُ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم وسَلاَمَةُ قُلُوبِهِم وأَلْسِنَتِهِم لِسَلَفِ هَذِهِ الأُمَّةِ ولِإِخْوَانِهِم المُؤْمِنِينَ.

ولِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ عز وجل في حَقِّهِم: ﴿وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتُ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٖۚ يَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَيُطِيعُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓۚ أُوْلَٰٓئِكَ سَيَرۡحَمُهُمُ ٱللَّهُۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٞ [التوبة: 71].


الشرح