وأما
توحيد الألوهية فأكثرهم قد جحدوه؛ كما قال عز وجل عن قوم هود - لما قال لهم -: ﴿يَٰقَوۡمِ
ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُۥٓۚ أَفَلَا تَتَّقُونَ﴾ [الأعراف: 65]: ﴿قَالُوٓاْ
أَجِئۡتَنَا لِنَعۡبُدَ ٱللَّهَ وَحۡدَهُۥ﴾ [الأعراف: 70]،
وقال مشركو قريش: ﴿أَجَعَلَ ٱلۡأٓلِهَةَ
إِلَٰهٗا وَٰحِدًاۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيۡءٌ عُجَابٞ﴾ [ص: 5].
وهذه
الآية وهي قوله: ﴿وَلَقَدۡ بَعَثۡنَا فِي
كُلِّ أُمَّةٖ رَّسُولًا أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجۡتَنِبُواْ ٱلطَّٰغُوتَ﴾ [النحل: 36] تبين
معنى الآية التي قبلها وكذلك الآيات بعدها، وأن المراد بالعبادة التي خُلِقوا لها
هي العبادة الخالصة التي لم يلبسها شرك بعبادة شيء سوى الله كائنًا ما كان.
فلا
تصح الأعمال إلاَّ بالبراءة من عبادة كل ما يُعْبَد من دون الله.
**********
فالأمم الكافرة عَرَفت مَقْصِد
الرسل، وهو أنهم إنما جاءوا يطلبون توحيد الألوهية؛ ولذلك قالوا: ﴿أَتَنۡهَىٰنَآ أَن
نَّعۡبُدَ مَا يَعۡبُدُ ءَابَآؤُنَا﴾ [هود: 62]، ما ذهبوا
للربوبية وإنما ذهبوا للعبادة. ولما قال النبي صلى الله عليه وسلم لقريش: «قُولُوا: لاَ إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ،
تُفْلِحُوا»، قالوا: ﴿أَجَعَلَ ٱلۡأٓلِهَةَ
إِلَٰهٗا وَٰحِدًاۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيۡءٌ عُجَابٞ﴾ [ص: 5] ([1])، ففهموا أن معنى «لا إله إلاَّ الله» إفراد الله عز وجل
بالعبادة، وليس إفراد الله بالربوبية.
فالمشركون يعلمون معنى «لا إله
إلاَّ الله».
وعُبَّاد القبور اليوم يَدَّعُون الإسلام وهم لا يعلمون معنى «لا إله إلاَّ الله» بل علماؤهم المتبحِّرون في الفقه والنحو والتفسير والحديث
([1]) أخرجه: أحمد رقم (16023)، وابن خزيمة (159)، وابن حبان رقم (6562)، والحاكم رقم (39).