فذَكَر المُؤهِّل وهو
العلم الذي عَلَّمه الله إياه، ولم يغتر بنفسه، بل قال: ﴿مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّيٓۚ﴾ أثنى على الله
سبحانه وتعالى، وبَيَّن السبب فقال: ﴿قَالَ لَا
يَأۡتِيكُمَا طَعَامٞ تُرۡزَقَانِهِۦٓ إِلَّا نَبَّأۡتُكُمَا بِتَأۡوِيلِهِۦ قَبۡلَ
أَن يَأۡتِيَكُمَاۚ ذَٰلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّيٓۚ إِنِّي تَرَكۡتُ مِلَّةَ
قَوۡمٖ لَّا يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَهُم بِٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ كَٰفِرُونَ ٣٧وَٱتَّبَعۡتُ
مِلَّةَ ءَابَآءِيٓ إِبۡرَٰهِيمَ وَإِسۡحَٰقَ وَيَعۡقُوبَۚ مَا كَانَ لَنَآ أَن نُّشۡرِكَ
بِٱللَّهِ مِن شَيۡءٖۚ ذَٰلِكَ مِن فَضۡلِ ٱللَّهِ عَلَيۡنَا وَعَلَى ٱلنَّاسِ
وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَشۡكُرُونَ ٣٨يَٰصَٰحِبَيِ ٱلسِّجۡنِ ءَأَرۡبَابٞ
مُّتَفَرِّقُونَ خَيۡرٌ أَمِ ٱللَّهُ ٱلۡوَٰحِدُ ٱلۡقَهَّارُ ٣٩﴾ [يوسف: 37- 39].
بدأ بالدعوة إلى التوحيد والنهي عن الشرك. وهكذا دعوة الرسل - عليهم الصلاة
والسلام -.
ثم قال: ﴿إِنِ ٱلۡحُكۡمُ
إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّآ إِيَّاهُۚ ذَٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلۡقَيِّمُ
وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ﴾ [يوسف: 40]، فالأمر
له سبحانه والتدبير له سبحانه، هو الذي يأمر وينهى، وقد أمركم ألاَّ تعبدوا إلاَّ
إياه، فما عليكم إلاَّ الامتثال. وهذا أمر شرعي ديني، ليس أمرًا كونيًّا.
ثم بعد أن فرغ من الدعوة جاء بتعبير الرؤيا، فقال: ﴿يَٰصَٰحِبَيِ ٱلسِّجۡنِ
أَمَّآ أَحَدُكُمَا فَيَسۡقِي رَبَّهُۥ خَمۡرٗاۖ وَأَمَّا ٱلۡأٓخَرُ فَيُصۡلَبُ
فَتَأۡكُلُ ٱلطَّيۡرُ مِن رَّأۡسِهِۦۚ قُضِيَ ٱلۡأَمۡرُ ٱلَّذِي فِيهِ
تَسۡتَفۡتِيَانِ﴾ [يوسف: 41].
هكذا الدعاة إلى الله عز وجل، لا يتركون الدعوة في أية مناسبة وفي أي مجال،
سواء كانوا في السجون أو خارج السجون أو في أي مكان، دائمًا يحملون معهم الدعوة
إلى الله عز وجل.