×

 الشاهد من هذا: قوله: ﴿إِنِ ٱلۡحُكۡمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّآ إِيَّاهُۚ كما قال عز وجل: ﴿وَمَا خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِيَعۡبُدُونِ [الذاريات: 56] والأمر هنا أمر ديني شرعي، وليس هو أمرًا كونيًّا؛ لأنه لو كان أمرًا كونيًّا لما تخلَّف عنه أحد، وإنما هو أمر شرعي متروك لاختيار الناس؛ لأن الناس يفعلون باختيارهم الشرك ويفعلون باختيارهم التوحيد.

وجميع الرسل جاءت بالأمر بالتوحيد؛ لأن التوحيد هو الأساس، فدين بدون توحيد لا ينفع، وكل الأعمال الصالحة إذا لم تكن على التوحيد والإخلاص فإنها باطلة، وهذا هو الدين الذي بَعَث الله به الرسل؛ كما قال عز وجل: ﴿وَلَقَدۡ بَعَثۡنَا فِي كُلِّ أُمَّةٖ رَّسُولًا أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجۡتَنِبُواْ ٱلطَّٰغُوتَۖ [النحل: 36].

قال عز وجل: ﴿شَرَعَ لَكُم مِّنَ ٱلدِّينِ أي: من العبادة. فالذي شَرَع الدين هو الله سبحانه وتعالى، فلا يجوز الإتيان بدين لم يشرعه الله، ﴿شَرَعَ لَكُم مِّنَ ٱلدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِۦ نُوحٗا وَٱلَّذِيٓ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ وَمَا وَصَّيۡنَا بِهِۦٓ إِبۡرَٰهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰٓۖ [الشورى: 13] هذا هو الدين الذي جاءت به كل الرسل، ولكنه سبحانه ذَكَر هؤلاء الخمسة لأنهم أولو العزم: أولهم نوح، ثم إبراهيم وموسى وعيسى ومحمد، عليهم الصلاة والسلام؛ كما قال عز وجل: ﴿فَٱصۡبِرۡ كَمَا صَبَرَ أُوْلُواْ ٱلۡعَزۡمِ مِنَ ٱلرُّسُلِ [الأحقاف: 35].

قال: «والقرآن كله في هذا التوحيد وبيانه وجزائه والرد على من جحده»، فالقرآن لم يترك شيئًا يحتاجه الناس في أمور دينهم إلاَّ وبَيَّنه لهم أتم بيان وأوضح بيان.


الشرح