قال عز وجل: ﴿أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّآ
إِيَّاهُ﴾ أي: أَمَر ووصى سبحانه ألاَّ تعبدوا إلاَّ إياه، بأن
تخلصوا له العبادة. وإذا جاءت «لا» و «إلا» فمعناهما الحصر، فقوله: ﴿أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّآ
إِيَّاهُ﴾ فيه حصر العبادة لله عز وجل ونفيها عما سواه. مثل كلمة
التوحيد «لا إله إلاَّ الله» فيها «لا» النافية، و«إلا» الاستثنائية، ففيها الحصر.
وهذا هو الذي أَمَر به الله عز وجل في كتابه وسُنة رسوله صلى الله عليه
وسلم، أن تكون العبادة لله وحده، قال عز وجل: ﴿وَمَآ
أُمِرُوٓاْ إِلَّا لِيَعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مُخۡلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ حُنَفَآءَ﴾ [البينة: 5]، وهذه
الآية تفسر آية الإسراء ﴿وَقَضَىٰ رَبُّكَ
أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّآ إِيَّاهُ﴾ التي ذكرها المؤلف رحمه
الله، أن المراد بالقضاء هو الأمر.
وكلمة الإخلاص «لا إله إلاَّ الله»
سُميت بكلمة الإخلاص لأن معناها إخلاص العبادة لله عز وجل، فهي ليست مجرد كلمة
تقال باللسان، ولا يُعْرَف معناها ولا يُعمل بمقتضاها؛ بل هي كلمة عظيمة لها معنى
ولها مقتضى.
وقد سبق كيف أن مشركي قريش وهم فصحاء العرب أبَوا أن يقولوها؛ لأنهم فهموا
أن معناها إفراد الله بالعبادة وتَرْك عبادة الأوثان، وهم لا يريدون ذلك، إنما
يريدون أن يبقَوا على عبادة الأوثان، فهم فهموا معنى «لا إله إلاَّ الله» وأنها ليست مجرد لفظ يقال باللسان فقط، قال عز
وجل: ﴿إِنَّهُمۡ كَانُوٓاْ إِذَا قِيلَ
لَهُمۡ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا ٱللَّهُ يَسۡتَكۡبِرُونَ ٣٥وَيَقُولُونَ أَئِنَّا
لَتَارِكُوٓاْ ءَالِهَتِنَا لِشَاعِرٖ مَّجۡنُونِۢ ٣٦﴾ [الصافات: 35- 36].