وقال
عز وجل: ﴿وَلَقَدۡ أُوحِيَ إِلَيۡكَ
وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكَ لَئِنۡ أَشۡرَكۡتَ لَيَحۡبَطَنَّ عَمَلُكَ
وَلَتَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ ٦٥بَلِ ٱللَّهَ فَٱعۡبُدۡ وَكُن مِّنَ
ٱلشَّٰكِرِينَ ٦٦﴾ [الزمر: 65- 66]، فتَقَدُّم المعمول يفيد الحصر،
أي: بل الله فاعبد وحده لا غيره؛ كما في فاتحة الكتاب: ﴿إِيَّاكَ
نَعۡبُدُ وَإِيَّاكَ نَسۡتَعِينُ﴾ [الفاتحة: 5].
وقرر عز وجل هذا
التوحيد بقوله: ﴿قُلۡ إِنِّيٓ أُمِرۡتُ أَنۡ
أَعۡبُدَ ٱللَّهَ مُخۡلِصٗا لَّهُ ٱلدِّينَ﴾ [الزمر: 11].
والدين هو العبادة
بفعل ما أَمَر به وتَرْك ما نَهَى عنه؛ كما قال العلامة ابن القيم رحمه الله:
والأمر والنهي
الذي هو دينه**** وجزاؤه يوم المعاد الثانِ
وتَقَدَّم
أن أصله وأساسه توحيد العبادة. فلا تَغْفُل عما تقدم .
**********
قوله عز وجل: ﴿لَئِنۡ أَشۡرَكۡتَ
لَيَحۡبَطَنَّ عَمَلُكَ﴾ مثل قوله عز وجل لما ذكر ثمانية عشر من الأنبياء، قال:
﴿ذَٰلِكَ هُدَى ٱللَّهِ
يَهۡدِي بِهِۦ مَن يَشَآءُ مِنۡ عِبَادِهِۦۚ وَلَوۡ أَشۡرَكُواْ لَحَبِطَ عَنۡهُم
مَّا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ﴾ [الأنعام: 88].
وفي هذه الآية يقول عز وجل لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ﴿وَلَقَدۡ أُوحِيَ إِلَيۡكَ
وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكَ﴾ أي: أَوْحَى الله إليك ﴿لَئِنۡ
أَشۡرَكۡتَ﴾ أي: دعوتَ غير الله عز وجل، ﴿لَيَحۡبَطَنَّ
عَمَلُكَ﴾ ليَبطُلن عملك ﴿وَلَقَدۡ أُوحِيَ
إِلَيۡكَ وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكَ لَئِنۡ أَشۡرَكۡتَ لَيَحۡبَطَنَّ عَمَلُكَ
وَلَتَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ ٦٥بَلِ ٱللَّهَ فَٱعۡبُدۡ وَكُن مِّنَ ٱلشَّٰكِرِينَ
٦٦﴾ [الزمر: 65- 66].