عَلِموا
أن «لا إله إلاَّ الله» تنفي الشرك الذي وقعوا فيه، وأنكروا التوحيد الذي دلت
عليه، فصار أولئك المشركون أعلم بمعنى هذه الكلمة - «لا إله إلاَّ الله» - من أكثر
متأخري هذه الأمة، لاسيما أهل العلم منهم الذين لهم دراية في بعض الأحكام وعلم الكلام،
فجَهِلوا توحيد العبادة، فوقعوا في الشرك المنافي له وزينوه، وجَهِلوا توحيد
الأسماء والصفات وأنكروه، فوقعوا في نفيه أيضًا، وصَنَّفوا فيه الكتب لاعتقادهم أن
ذلك حقٌّ، وهو باطل .
**********
وفي النهاية تبين أنه صلى الله عليه وسلم صادق مصدوق ليس بشاعر ولا مجنون،
فهل إذا كان شاعرًا مجنونًا يَظهر دينه هذا الظهور ويغطي مشارق الأرض ومغاربها؟!
لو كان شاعرًا مجنونًا ما تعدَّى قوله فَمَه، ولا تبعته الدنيا كلها في المشارق
والمغارب.
قال: «فصار أولئك المشركون أعلم بمعنى
هذه الكلمة - لا إله إلاَّ الله - من أكثر متأخري هذه الأمة»، فقد يكون
عالِمًا متبحرًا في النحو والفقه والبلاغة والعلوم، لكنه في التوحيد صِفْر، ليس
عنده شيء، وعقيدته مبنية على علم الكلام وعلم المنطق، ليست مبنية على «قال الله وقال رسوله»، ولا يُثْبِت
إلاَّ توحيد الربوبية الذي أثبته المشركون.
أما توحيد الإلهية وإفراد الله بالعبادة فهذا لا يدور في كتبهم، وهم علماء!
فصار المشركون الأولون أعلم منهم بـ «لا
إله إلاَّ الله».