×

فلما انقضت هذه القرون المفضلة، ظَهَر الشر وجهرت الفرق بضلالها وشرها؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُكُمْ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ». قَالَ عِمْرَانُ: لاَ أَدْرِي أَذَكَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَعْدُ قَرْنَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةً - قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ بَعْدَكُمْ قَوْمًا يَخُونُونَ وَلاَ يُؤْتَمَنُونَ، وَيَشْهَدُونَ وَلاَ يُسْتَشْهَدُونَ، وَيَنْذِرُونَ وَلاَ يَفُونَ، وَيَظْهَرُ فِيهِمُ السِّمَنُ» ([1]).

فلما انقضت هذه القرون المفضلة حدث الشر في الناس، وظهرت الفِرَق على مذاهبها وأصولها.

وفشت القبورية في الناس وعبادة الأضرحة والأولياء، واعتبروا أن هذا هو الدين، وقالوا: «لا نتقرب إلى الله إلاَّ بواسطة تتوسط لنا عند الله» قاسوا الله عز وجل على ملوك الدنيا؛ لأن مَلِك الدنيا لا تصل إليه إذا كنت مجهولاً إلاَّ بواسطة! فزَيَّن لهم الشيطان أن يتخذوا وسطاء بينهم وبين الله.

وقد وصفهم الله عز وجل بقوله: ﴿وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِۦٓ أَوۡلِيَآءَ مَا نَعۡبُدُهُمۡ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ زُلۡفَىٰٓ [الزمر: 3]، وقوله: ﴿وَيَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمۡ وَلَا يَنفَعُهُمۡ وَيَقُولُونَ هَٰٓؤُلَآءِ شُفَعَٰٓؤُنَا عِندَ ٱللَّهِۚ [يونس: 18].

فظهرت القبورية في المسلمين من ذاك الوقت، وانتشرت وصارت هي الدين وهي التوحيد، حتى قَيَّض الله سبحانه وتعالى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، فانبرى لهذا الضلال، وقام بنصرة الحق، ونازل هذه الفِرَق


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (2651)، ومسلم رقم (2535).