وأما
قول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى وَصِيَّةِ
مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم الَّتِي عَلَيْهَا خَاتِمَةُ أَمْرِهِ فَلْيَقْرَأْ
قوله تعالى: ﴿قُلۡ تَعَالَوۡاْ أَتۡلُ مَا
حَرَّمَ رَبُّكُمۡ عَلَيۡكُمۡۖ﴾ [الأنعام: 151]، إلى قوله: ﴿وَأَنَّ
هَٰذَا صِرَٰطِي مُسۡتَقِيمٗا﴾ الآية.
قوله:
«الَّتِي عَلَيْهَا خَاتِمَةُ» شَبَّه هذه الوصية بوصية كُتِبت فخُتِمت، أي: فلم
تُغَيَّر ولم تُبَدَّل؛ أراد أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزل يدعو الأمة من
حين بعثه الله عز وجل إلى حين توفاه، صلوات الله وسلامه عليه.
وقد
قال مفروق سيد بني شيبان في دعوته صلى الله عليه وسلم القبائل في مواسمها: وإلامَ
تدعو أيضًا يا أخا قريش؟ فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ﴿قُلۡ
تَعَالَوۡاْ أَتۡلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمۡ عَلَيۡكُمۡۖ أَلَّا تُشۡرِكُواْ بِهِۦ
شَيۡٔٗاۖ﴾ الآيات ([1]).
وقد
تضمنت هذه الآيات المحكمات أمرًا ونهيًا، كما قال عز وجل عن خليله إبراهيم عليه
السلام: ﴿إِذۡ قَالَ لَهُۥ رَبُّهُۥٓ
أَسۡلِمۡۖ قَالَ أَسۡلَمۡتُ لِرَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ ١٣١وَوَصَّىٰ بِهَآ إِبۡرَٰهِۧمُ
بَنِيهِ وَيَعۡقُوبُ يَٰبَنِيَّ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصۡطَفَىٰ لَكُمُ ٱلدِّينَ فَلَا
تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسۡلِمُونَ ١٣٢﴾ الآيات [البقرة:
131- 132].
**********
قوله عز وجل: ﴿قُلۡ تَعَالَوۡاْ أَتۡلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمۡ عَلَيۡكُمۡۖ﴾ [الأنعام: 151] إلى قوله: ﴿وَأَنَّ هَٰذَا صِرَٰطِي مُسۡتَقِيمٗا﴾ هذه الآيات الثلاث من آخر سورة الأنعام - فيها عَشْر وصايا، بدأها سبحانه وتعالى بالنهي عن الشرك، وخَتَمها بالأمر باتباع الصراط المستقيم الذي هو منهج الرسول صلى الله عليه وسلم. فهي وصايا عظيمة،
([1]) أخرجه: ابن حبان في الثقات (1/ 85)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (17/ 295).