ويقال: إن هذه الوصايا جاءت في الكتب السابقة أيضًا - التوراة والإنجيل -
وجاءت في القرآن، وهي مشهورة بالوصايا العشر.
وعبد الله بن مسعود رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وفقيه
الصحابة يقول: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ
يَنْظُرَ إِلَى وَصِيَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم الَّتِي عَلَيْهَا
خَاتِمَةُ أَمْرِهِ فَلْيَقْرَأْ قوله تعالى: ﴿قُلۡ تَعَالَوۡاْ
أَتۡلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمۡ عَلَيۡكُمۡۖ﴾ [الأنعام: 151]، إلى قوله ﴿وَأَنَّ
هَٰذَا صِرَٰطِي مُسۡتَقِيمٗا﴾ الآية».
لأن بعض الناس بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم قالوا: ليت الرسول صلى
الله عليه وسلم أوصى قبل وفاته بوصية نعتمد عليها تحسم الخلاف والنزاع!!
فقال لهم هذا الحبر الجليل: الوصية موجودة في القرآن، وهي هذه الآيات
الثلاث؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لو كان موصيًا ما أوصى إلاَّ بمضمونها؛ لأنه
صلى الله عليه وسلم عاش حياته كلها بعد البعثة يدعو إلى مضمون هذه الآيات الثلاث،
فهي كافية، كأنه أوصى بها.
قوله: «الَّتِي عَلَيْهَا خَاتِمَهُ»؛
لأنه من عادة الموصي أن يضع خاتمه على الوصية أو توقيعه - كما هو معروف الآن - حتى
يَثبت أنها له، وهذا من باب التأكيد.
فالرسول صلى الله عليه وسلم تَرَك الناس بلا وصية؛ لأن عندهم الكتاب والسُّنة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ شَيْئَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُمَا: كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّتِي، وَلَنْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ» ([1]).
([1]) أخرجه: الدارقطني رقم (4606)، والحاكم رقم (319)، والبزار رقم (8993)، والبيهقي في «الكبرى» رقم (20337).