×

 لا يقول: «لا أدري»، بل يقول: «لا أدري»، أو يقول: «الله أعلم»، ولا غضاضة عليه في ذلك، بل هذا يدل على فضله وورعه وأدبه مع الله سبحانه وتعالى، وأدبه مع المعلم.

وقد سئل الإمام مالك عن أربعين مسألة، فأجاب عن أربع مسائل منها، وقال عن البقية: «لا أدري»، فقال السائل: جئتك من بلاد كذا وكذا أسألك عن مسائل، وتقول لا أدري؟! فقال له: «اركب راحلتك واذهب إلى البلد الذي جئت منه، وقل: سألت مالكًا وقال: لا أدري». هكذا أدب العلماء.

وهذا معاذ رضي الله عنه يقول للنبي صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ»، ففي هذا رد العلم إلى عالِمه، وعدم تدخل الإنسان في شيء وهو لا يدري عن حكمه.

والله عز وجل يقول: ﴿وَلَا تَقۡفُ مَا لَيۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمٌۚ [الإسراء: 36]، ولما ذَكَر الله سبحانه وتعالى المحرمات في قوله: ﴿قُلۡ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ ٱلۡفَوَٰحِشَ مَا ظَهَرَ مِنۡهَا وَمَا بَطَنَ [الأعراف: 33] ختمها بقوله: ﴿وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ [الأعراف: 33]، وقال: ﴿فَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبٗا لِّيُضِلَّ ٱلنَّاسَ بِغَيۡرِ عِلۡمٍۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّٰلِمِينَ [الأنعام: 144].

والآيات والأحاديث في هذا كثيرة، فمَن يريد النجاة لنفسه ويريد السلامة، وأيضًا يريد السلامة للناس؛ فإنه لا يتدخل في شيء لا يعرفه؛ لأنه يورط نفسه ويورط الآخرين معه؛ لأنه إذا أجاب بخطأ ضلل الناس ﴿لِّيُضِلَّ ٱلنَّاسَ بِغَيۡرِ عِلۡمٍۚ.


الشرح