العبادة حتى تَخْلُص من
الشرك، وإلا فلو صلى وصام الليل والنهار، وجاهد وأنفق الأموال لله عز وجل وتقرب
إليه، لكن خلط مع عمله هذا شركًا فإنه يُبطله.
وهذا كقوله عز وجل: ﴿وَٱعۡبُدُواْ
ٱللَّهَ وَلَا تُشۡرِكُواْ بِهِۦ شَيۡٔٗاۖ﴾ [النساء: 36]، وقوله:
﴿أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجۡتَنِبُواْ
ٱلطَّٰغُوتَۖ﴾ [النحل: 36]، فلابد مع عبادة الله من ترك الشرك؛ لأن
الشرك إذا دخل العبادة أبطلها وأفسدها.
وهذا يستدعي أن يتعلم العبد العبادة الصحيحة ويتعلم الشرك؛ حتى يؤدي
العبادة على وجهها الصحيح ويتجنب الشرك.
وهذا حق الله عز وجل على عباده، وهو أول الحقوق الواجبة على العباد؛ كما في
قوله عز وجل ﴿وَٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ
وَلَا تُشۡرِكُواْ بِهِۦ شَيۡٔٗاۖ وَبِٱلۡوَٰلِدَيۡنِ إِحۡسَٰنٗا﴾، وقوله: ﴿وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا
تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّآ إِيَّاهُ وَبِٱلۡوَٰلِدَيۡنِ إِحۡسَٰنًاۚ﴾ [الإسراء: 23]،
فبدأ بالتوحيد الذي هو حق الله عز وجل.
قال: «وَحَقَّ العِبَادِ عَلَى
اللَّهِ» هذا الحق تَكَرُّم منه وتَفَضُّل، وإلا فإنه لا يجب عليه شيء إلاَّ
بوعده سبحانه وتعالى، فهو الذي أوجبه على نفسه بوعده الكريم، ولا أحد يوجب على
الله شيئًا. خلافًا للمعتزلة الذين يقولون: يجب على الله كذا وكذا. ويفرضون
ويوجبون على الله. تعالى الله عما يقولون.
قال: «أَنْ لاَ يُعَذِّبَ مَنْ لاَ
يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا»، وهذا فيه بشارة عظيمة! أن مَن سَلِم من الشرك الأكبر
والأصغر وسَلِم من كبائر الذنوب - سَلِم من العذاب سلامة مطلقة. أما مَن سَلِم من
الشرك ولكن عنده شيء من المعاصي والكبائر، فهذا يَسْلَم من العذاب المؤبد، فقد
يُعَذَّب بذنوبه،