×

ولا أنام! وقال الآخر: أنا لا أتزوج النساء - يعني: يريد التبتل - وقال الثالث: أنا أصوم ولا أفطر! وفي رواية: ولا آكل اللحم.

فلما بَلَغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم غضب غضبًا شديدًا، وقال: «مَا بَالُ أَقْوَامٍ قَالُوا كَذَا وَكَذَا؟ لَكِنِّي أُصَلِّي وَأَنَامُ، وَأَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي» ([1]).

فلابد أن تكون العبادة مطابقة لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، ليس فيها بدع ولا خرافات ولا مُحْدَثات، ولا استحسانات للعقول، أو اقتداء بفلان أو علان، ما دام أن هذا المقتدى به ليس متبعًا للرسول صلى الله عليه وسلم فليس بقدوة.

فقول ابن القيم رحمه الله: «من غير إشراك به شيئًا» أي: عبادة الله من غير إشراك «هما سبب النجاة فحبذا السببانِ»، يعني: المتابعة والإخلاص سببان.

وقوله: «لم يَنْجُ من غضب الإله وناره إلاَّ الذي قامت به الأصلان» فلا يَسْلَم من النار إلاَّ الذي عبد الله مخلصًا له الدين، واتبع الرسول صلى الله عليه وسلم. هذان الأصلان لا تصح العبادة بدونهما.

قال: «والناس بعد» أي بعد هذا البيان «فمشرك بإلهه» ليس عنده إخلاص، «أو ذو ابتداع» ليس بمشرك لكنه مبتدع لا يعبد الله بما شرع الرسول صلى الله عليه وسلم، وإنما يعبد الله بالهوى أو بعادات وتقاليد آبائه، وما شابه ذلك. فالمشرك لم يأخذ الأصل الأول الذي هو الإخلاص. والمبتدع لم يأخذ الأصل الثاني الذي هو المتابعة، «أو له الوصفان» يعني: يجتمع فيه أنه مشرك ومبتدع، والعياذ بالله.


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (1401).