· فأهل الضلال ثلاثة أقسام:
الأول: مشرك. وهذا رأس البلاء.
الثاني: مبتدع في الدين، وهذا بلاء خطير وعظيم.
الثالث: جامع بين الأمرين - والعياذ بالله - الشرك والبدعة.
فهذه الأبيات فيها علوم غزيرة من علوم العقيدة والتوحيد.
ولما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «وَحَقَّ
العِبَادِ عَلَى اللَّهِ أَنْ لاَ يُعَذِّبَ مَنْ لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا»
استبشر معاذ رضي الله عنه بهذا الحديث الشريف، وفرح به غاية الفرح، وقال:
يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلاَ أُبَشِّرُ بِهِ النَّاسَ؟ قَالَ: «لاَ تُبَشِّرْهُمْ، فَيَتَّكِلُوا».
خَشِي النبي صلى الله عليه وسلم إذا سمعه الناس أن يتكلوا على جانب الرجاء
ويتساهلوا في المعاصي، ويقولوا: ما دمنا موحِّدين فالمعاصي لا تضرنا؛ لأن الرسول
يقول: «وَحَقَّ العِبَادِ عَلَى اللَّهِ
أَنْ لاَ يُعَذِّبَ مَنْ لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا»، ونحن والحمد لله لسنا
مشركين، ونحن لا نعبد إلاَّ الله! فيتساهلون في المعاصي، فيُغَلِّبون جانب الرجاء
على جانب الخوف.
وهذا من حكمته صلى الله عليه وسلم، أن العلم لا يوضع إلاَّ في مواضعه، فإذا
خيف من إلقاء المسائل على بعض الناس محذور أكبر، فالحكمة كتمانها عنهم شفقة بهم
حتى لا يقعوا في المحذور؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم أَمَر بكتمان هذا النوع من
العلم عن عامة الناس، وأخبر به معاذًا؛ لأن معاذًا من الجهابذة ومن خواصِّ
العلماء.