×

 وقال: ﴿فَلۡيَحۡذَرِ ٱلَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنۡ أَمۡرِهِۦٓ أَن تُصِيبَهُمۡ فِتۡنَةٌ أَوۡ يُصِيبَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٌ [النور: 63].

**********

 قوله: «من باب اللف والنشر المُقَدَّم والمُؤَخَّر» هذا عند البلاغيين: اللف والنشر غير المرتب، فقوله: «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ» هذا توكيد لآخِر الكلمة «إِلاَّ اللَّهُ»، وقوله: «لاَ شَرِيكَ لَهُ» هذا توكيد لأولها. فهو بدأ بتأكيد آخِر الكلمة قبل أولها. وهذا من اللف والنشر غير المرتب.

مثل قوله عز وجل: ﴿يَوۡمَ تَبۡيَضُّ وُجُوهٞ وَتَسۡوَدُّ وُجُوهٞۚ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱسۡوَدَّتۡ وُجُوهُهُمۡ [آل عمران: 106]، بدأ بالشِّق الأخير، وهو من باب اللف والنشر غير المرتب. والمرتب أن يبدأ بالذين ابيضت وجوههم. وهذا أسلوب عربي بليغ يأتي في القرآن الكريم.

قوله: «فتدبر هذا البيان يطلعك على بطلان قول من يقول بجواز دعوة غير الله، والله عز وجل يقول لنبيه: ﴿فَلَا تَدۡعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَ فَتَكُونَ مِنَ ٱلۡمُعَذَّبِينَ  [الشعراء: 213] » فلو دعا الرسول صلى الله عليه وسلم غير الله - وحاشاه أن يدعو غير الله - لكان من المعذَّبين. وفي الآية الأخرى: ﴿لَئِنۡ أَشۡرَكۡتَ لَيَحۡبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ [الزمر: 65]، فإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم لو أشرك لكان من المعذَّبين وحبط عمله، فكيف بغيره؟ وقال في الرسل الآخَرين: ﴿وَلَوۡ أَشۡرَكُواْ لَحَبِطَ عَنۡهُم مَّا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ [الأنعام: 88].

ثم إن شهادة أن لا إله إلاَّ الله لا تكفي إلاَّ مع شهادة أن محمدًا رسول الله، وكذلك شهادة أن محمدًا رسول الله لا تكفي إلاَّ مع شهادة أن لا إله إلاَّ الله. فلابد من الشهادتين.


الشرح