قال: «وذلك يقتضي اتباعه، وتعظيم أمره
ونهيه»، فكما أن «لا إله إلاَّ الله»
ليست مجرد لفظ يقال باللسان، إنما تتضمن المعنى والاعتقاد والعمل. فكذلك شهادة أن
محمدًا رسول الله ليست مجرد لفظ يقال باللسان، إنما يلزم قائلها الاتباع والاقتداء
به صلى الله عليه وسلم، وتصديقه فيما أخبر، وتَرْك ما نهى عنه وزجر. فهي ليست مجرد
لفظ يقال باللسان، بل لها معنى ومدلول لابد من التزامه حتى تصح شهادة أن محمدًا
رسول الله.
وإلا فالمشركون يشهدون أنه رسول الله بقلوبهم ويعترفون بذلك، قال عز وجل: ﴿فَإِنَّهُمۡ لَا
يُكَذِّبُونَكَ وَلَٰكِنَّ ٱلظَّٰلِمِينَ بَِٔايَٰتِ ٱللَّهِ يَجۡحَدُونَ﴾ [الأنعام: 33].
وأبو طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
ولقد علمت بأن دين محمد **** من خير أديان البرية دِينا
لولا الملامة أو حَذارِ مَسَبَّة **** لرأيتني سمحًا
بذاك مُبِينا
فهو يعترف بأن محمدًا صلى الله عليه وسلم رسول الله، لكنه لم يتبعه؛ من باب
الحَمِية الجاهلية لدين المشركين، فمنعته الملامة أو حذار مسبة على آبائه وأجداده
- من اتباع النبي صلى الله عليه وسلم، وحَمَلته الحَمِية الجاهلية على البقاء على
الشرك، والعياذ بالله!
فمجرد الاعتراف بأنه رسول الله لا يكفي؛ ولهذا يقول الله عز وجل: ﴿فَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِهِۦ
وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَٱتَّبَعُواْ ٱلنُّورَ ٱلَّذِيٓ أُنزِلَ مَعَهُۥٓ
أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ﴾ [الأعراف: 157].