×

وأما إنه من أم بلا أب، فإن الله على كل شيء قدير، خَلَق آدم من تراب بدون أب ولا أم، وخَلَق حواء من آدم بدون أُم! فالذي خَلَق آدم من تراب قادر على أن يخلق عيسى من غير أب، وإنما خلقه بقوله: «كُنْ»، فالذي يَخلق من أم وأب، أو من أب بلا أم - قادر على أن يخلق من أم بلا أب؛ ولذلك قال عز وجل: ﴿إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ ٱللَّهِ كَمَثَلِ ءَادَمَۖ خَلَقَهُۥ مِن تُرَابٖ ثُمَّ قَالَ لَهُۥ كُن فَيَكُونُ [آل عمران: 59]، فليس شأن عيسى بأعجب من شأن آدم عليه السلام.

قال عز وجل: ﴿لَّقَدۡ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَالُوٓاْ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡمَسِيحُ ٱبۡنُ مَرۡيَمَۚ [المائدة: 17]، وقال: ﴿وَقَالَتِ ٱلنَّصَٰرَى ٱلۡمَسِيحُ ٱبۡنُ ٱللَّهِۖ [التوبة: 30]، وقال: ﴿لَّقَدۡ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَالُوٓاْ إِنَّ ٱللَّهَ ثَالِثُ ثَلَٰثَةٖۘ [المائدة: 73]، فيقولون: «الله، عيسى، ورُوح القدس»، ثلاث، ثم يقولون: «إله واحد». فكيف تكون الثلاثة شيئًا واحدًا؟! هذا لا تصدق به العقول ولا تتصوره، أن الثلاثة تكون واحدًا، والواحد يكون ثلاثة! ولا نَزَل به كتاب ولا سُنة، إنما هم ابتدعوه؛ ولذلك تسمى عقيدتهم بعقيدة التثليث والمُثَلِّثة.

ولهذا أنزل الله عز وجل قوله: ﴿قُلۡ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ ١ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ ٢لَمۡ يَلِدۡ وَلَمۡ يُولَدۡ ٣وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ كُفُوًا أَحَدُۢ ٤ [الإخلاص: 1- 4].

فالله عز وجل ليس له والد، وليس له ولد، وليس له مُشابِه من خلقه. هذه هي العقيدة الصحيحة في الله عز وجل.

ولهذا يُؤْثَر عن بعض النصارى الذين أسلموا في العصر الحاضر أنه لما سُئل عن سبب إسلامه قال: لما سمعتُ سورة ﴿قُلۡ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ أخذت في قلبي، فاسترحت من تفكير أَخَذ عليَّ الليل والنهار، كيف يكون الثلاثة واحدًا، والواحد ثلاثة؟!


الشرح