والمسيح عليه السلام قال: ﴿إِنِّي
عَبۡدُ ٱللَّهِ﴾ ولم يقل: «أنا
الله»، أو «أنا ابن الله»، أو «أنا ثالث ثلاثة»، بل قال: ﴿إِنِّي عَبۡدُ ٱللَّهِ
ءَاتَىٰنِيَ ٱلۡكِتَٰبَ﴾ الذي هو الإنجيل. ﴿وَجَعَلَنِي
نَبِيّٗا﴾ أي: رسولاً إلى بني إسرائيل.
﴿وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا
أَيۡنَ مَا كُنتُ وَأَوۡصَٰنِي بِٱلصَّلَوٰةِ وَٱلزَّكَوٰةِ مَا دُمۡتُ حَيّٗا﴾ فهو عبد كشأن
العبيد، يصلي لله عز وجل، ﴿وَأَوۡصَٰنِي
بِٱلصَّلَوٰةِ﴾ فهو إذًا عبدٌ من عباد الله، يصلي ويزكي ويتعبد لله عز
وجل ﴿مَا دُمۡتُ حَيّٗا﴾ ثم يموت بعد. فهل
الله عز وجل يموت؟ الله عز وجل حي لا يموت، بينما المسيح عليه السلام يموت؛ ولهذا قال:
﴿وَكُنتُ عَلَيۡهِمۡ شَهِيدٗا
مَّا دُمۡتُ فِيهِمۡۖ فَلَمَّا تَوَفَّيۡتَنِي كُنتَ أَنتَ ٱلرَّقِيبَ عَلَيۡهِمۡۚ
وَأَنتَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ شَهِيدٌ﴾ [المائدة: 117]، فهو يموت
كغيره، فدل على أنه ليس بإله.
﴿وَبَرَّۢا بِوَٰلِدَتِي
وَلَمۡ يَجۡعَلۡنِي جَبَّارٗا شَقِيّٗا﴾ هذا أيضًا عبادة، البر
بالوالدين عبادة. وقال: ﴿وَبَرَّۢا
بِوَٰلِدَتِي﴾ وهل الله عز وجل له والدة؟! تعالى الله عما يقولون.
﴿وَٱلسَّلَٰمُ عَلَيَّ يَوۡمَ
وُلِدتُّ﴾ الله سبحانه لم يولد ﴿وَيَوۡمَ
أَمُوتُ﴾ وهل الله عز وجل يموت؟ ﴿وَيَوۡمَ
أُبۡعَثُ حَيّٗا﴾ والله سبحانه هو الذي يحيي الموتى.
هذا كله كلام المسيح، وهذه مقالات المسيح ذكرها الله سبحانه وتعالى ليرد
بها على النصارى، وهم يُقِرون بأن هذا كلام المسيح لأنه موجود في الإنجيل، وموجود
في كتبهم.
ولهذا لما سَمِع النجاشي القرآن، قال: هذا والذي ينزل على موسى من
مشكاة واحدة!! فأسلم رحمه الله وقد كان نصرانيًّا.