فغدا إليه النبي صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر، واستأذنه أن يدخل بيته،
ثم صلى ركعتين في ناحية من البيت.
قال عِتبان: وحبسناه على خَزيرة صنعناها له.
فثاب في البيت رجال من أهل الدار ذَوُو عدد فاجتمعوا، فقال قائل منهم: أين
مالك بن الدُّخَيْشِن؟! فقال بعضهم: ذلك منافق، لا يحب الله ورسوله! فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَقُلْ،
ألاَّ تَرَاهُ قَالَ: لاَ إِلَهَ
إلاَّ اللَّهُ، يُرِيدُ بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ؟!»، قال: الله ورسوله
أعلم؛ فإنا نرى وجهه ونصيحته إلى المنافقين! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فَإِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ
مَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إلاَّ
اللَّهُ، يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ». هذا أصل الحديث.
وقوله: «فَإِنَّ» هذا
جواب أول الحديث الذي اختصره المصنف، فهي تعليلية، والرسول صلى الله عليه وسلم
ذبَّ عن هذا المسلم الغائب بسبب توحيده.
قوله: «حَرَّمَ عَلَى النَّارِ»
التحريم: المنع. أي: مَنَعه من دخول النار، وحَرَّم النار عليه أن تمسه، يعني: منع
النار عنه بسبب توحيده.
وهذا فيه فضل التوحيد، وأن الله يُحَرِّم على النار مَن قال: «لا إله إلاَّ الله»، أي: تَلَفَّظ بها
بلسانه، معتقدًا معناها بقلبه، قاصدًا بها وجه الله سبحانه وتعالى.
فقوله: «يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ
اللَّهِ» قَيْد يُخْرِج مَن قالها نفاقًا؛ لأن المنافقين يقولون: «لا إله إلاَّ الله»، لكنهم لا يبتغون
بذلك وجه الله، وإنما يريدون التستر على أنفسهم والعيش مع المسلمين، ولا يقصدون
معناها ومدلولها.