×

وقال الخليل عليه السلام: ﴿إِنِّي وَجَّهۡتُ وَجۡهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ حَنِيفٗاۖ وَمَآ أَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ [الأنعام: 79].

والحنيف: هو الذي ترك الشرك رأسًا، وتبرأ منه، وفارق أهله وعاداهم، وأخلص أعماله الظاهرة والباطنة لله وحده؛ كما قال عز وجل: ﴿وَمَن يُسۡلِمۡ وَجۡهَهُۥٓ إِلَى ٱللَّهِ وَهُوَ مُحۡسِنٞ فَقَدِ ٱسۡتَمۡسَكَ بِٱلۡعُرۡوَةِ ٱلۡوُثۡقَىٰۗ [لقمان: 22].

فإسلام الوجه هو إخلاص العبادة المنافي للشرك والنفاق، وهو معنى الآية ونحوها إجماعًا، فهذا هو الذي ينفعه قوله: «لا إله إلاَّ الله»؛ ولهذا قال عز وجل: ﴿فَقَدِ ٱسۡتَمۡسَكَ بِٱلۡعُرۡوَةِ ٱلۡوُثۡقَىٰۗ.

وهذا بخلاف من يقولها وهو يدعو غير الله، ويستغيث به، من ميت أو غائب لا ينفع ولا يضر؛ كما ترى عليه أكثر الخلق.

فهؤلاء وإن قالوها فقد تَلَبَّسوا بما يناقضها، فلا تنفع قائلها إلاَّ بالعلم بمدلولها نفيًا وإثباتًا.

والجاهل بمعناها وإن قالها فإنها لا تنفعه؛ لجهله بما وُضعت له الوضع العربي الذي أريد منها من نفي الشرك.

وكذلك إذا عَرَف معناها بغير تيقن له، فإذا انتفى اليقين وقع الشك.

ومما قُيِّدت به في الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: «غَيْرَ شَاكٍّ»، فلا تنفع إلاَّ مَن قالها بعلم ويقين؛ لقوله: «صِدْقًا مِنْ قَلْبِهِ»، «خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ».


الشرح