×

فقوله: ﴿فَٱدۡعُواْ ٱللَّهَ هذا أَمْر من الله عز وجل بالدعاء، أي: اطلبوا منه ما تحتاجون إليه لأمر دينكم ودنياكم. وهو سبحانه غني كريم، وأَكْثِروا من الدعاء أيضًا؛ فإنه سبحانه يحب أن يُكْثِر العبد من الدعاء والطلبات. ولو استجاب سبحانه وتعالى لكل مَن دعاه، ما نَقَص ذلك من مُلْكه شيئًا.

وكلما دعاه العبد المسلم، زاد عنده عز وجل محبة وإقبالاً، قال عز وجل: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ٱدۡعُونِيٓ أَسۡتَجِبۡ لَكُمۡۚ [غافر: 60].

وقال في هذه الآية: ﴿فَٱدۡعُواْ ٱللَّهَ مُخۡلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ، بهذا الشرط: ﴿مُخۡلِصِينَ هذا فيه نفي الشرك، «له الدين» سَمَّى الدعاء دِينًا؛ كما سماه في الآية الأخرى عبادة: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ٱدۡعُونِيٓ أَسۡتَجِبۡ لَكُمۡۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسۡتَكۡبِرُونَ عَنۡ عِبَادَتِي سَيَدۡخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ [غافر: 60] ﴿عَنۡ عِبَادَتِي أي: عن دعائي.

هذا يدل على أن الدعاء ركن عظيم من أركان العبادة، وأنه يطلق عليه العبادة من باب المبالغة في الاهتمام به؛ كما قال صلى الله عليه وسلم عن الحج: «الْحَجُّ عَرَفَةُ» ([1])، وعرفة ركن من أركان الحج، ولكنه نَوَّه بالوقوف بعرفة لأنه أعظم أركان الحج، ولأن الوقوف إذا فات فات الحج، بخلاف ما إذا أدرك الوقوف ونقص عليه شيء من أركان الحج، فإنه يجبره ويكمله فيما بعد. أما إذا فاته الوقوف بعرفة فإنه يفوته الحج في هذه السنة.


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (1949)، والترمذي رقم (889)، وابن ماجه رقم (3015)، وأحمد رقم (18774)، والحاكم رقم (1703).