×

 قوله: «قُلْ يَا مُوسَى: «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ»» فيه أنه لابد من النطق بها؛ لأن الله قال له: «قُلْ»؛ كما في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لاَ إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ» ([1])، فلا يكفي أن الإنسان يعترف بها بقلبه دون أن يتلفظ بها.

فقال موسى عليه السلام: «كُلُّ عِبَادِكَ يَقُولُ هَذَا»، يعني: يقولون: «لا إله إلاَّ الله»، وهو عليه السلام يريد أن يخصه الله بشيء يذكره به لا يشاركه فيه غيره؛ لأن نعمته عليه أعظم.

وهذا يدل على تيسير هذه الكلمة، وأنها يقولها أكثر الخلق، والشيء إذا عَظُمت الحاجة إليه يَسَّره الله سبحانه وتعالى، فلما كانت البشرية بحاجة إلى هذه الكلمة يَسَّرها الله سبحانه وتعالى.

فبَيَّن الله عز وجل له عظمة هذه الكلمة، وأنه لا شيء أعظم منها، فقال: «يَا مُوسَى، لَوْ أَنَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعَ» أي: السبع الطِّبَاق، «وَعَامِرَهُنَّ» أي: ساكنهن، «غَيْرِي»؛ لأنه سبحانه وتعالى في السماء، أي: في العلو.

وفي هذا إثبات علو الله سبحانه وتعالى على السماوات، فهو عز وجل في السماء، يعني: على السماء؛ لأن «في» تأتي بمعنى «على»؛ كما في قوله عز وجل: ﴿فَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ [آل عمران: 137]، يعني: على الأرض. وقوله: ﴿وَلَأُصَلِّبَنَّكُمۡ فِي جُذُوعِ ٱلنَّخۡلِ [طه: 71]، يعني: على جذوع النخل.

فتأتي «في» بمعنى «على» إذا أريد بالسماء السماء المبنية؛ لأن الله عز وجل ليس في شيء من خلقه، بل هو سبحانه أعظم من كل شيء.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (2946)، ومسلم رقم (21).