أما من يقول: تقدير الخبر: «موجود»،
أي: لا إله موجود إلاَّ الله. فهذا كفر وإلحاد؛ لأن الآلهة موجودة كثيرة، منها حق
ومنها باطل، وهذا القول - لا إله، أي: لا إله موجود إلاَّ الله - هو مذهب أهل وحدة
الوجود، حيث يجعلون جميع المعبودات هي الله. وهذا الكلام باطل في إعراب «لا إله إلاَّ الله»، فلا يقال: «لا إله، أي: موجود»، إنما يقال: «لا إله بحق» لتُنفى الآلهة التي تُعْبَد
بالباطل؛ كما قال عز وجل: ﴿ذَٰلِكَ
بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدۡعُونَ مِن دُونِهِۦ هُوَ ٱلۡبَٰطِلُ
وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡعَلِيُّ ٱلۡكَبِيرُ﴾ [الحج: 62]، فأخبر
أن هناك معبودات وآلهة غير الله عز وجل، لكنها كلها باطل، والإله الحق هو الله عز
وجل.
وكذلك الذي يفسر «لا إله إلاَّ
الله» بأنه «لا قادر على الاختراع
إلاَّ الله» كما يقوله علماء الكلام، فهذا أيضًا تفسير باطل؛ لأن هذا لا يَزيد
على توحيد الربوبية، و«لا إله إلاَّ الله»
إنما هي في توحيد الإلهية؛ لأن «الإله»
معناها: المعبود، أي: «لا معبود بحق إلاَّ
الله»، وهذا هو تفسيرها الصحيح.
و «إلا»: أداة استثناء. و«الله»: هذا مستثنى، فهي تنفي ما قبلها،
وتُثبت ما بعدها، فنفت الآلهة المعبودة بالباطل، وأثبتت الإله الحق وهو الله
سبحانه وتعالى. وإذا كان المستثنى منه منفيًّا، جاز في المستثنى الرفع والنصب،
والمستثنى منه هنا منفي بـ «لا»،
فيجوز في المستثنى الرفع والنصب، والرفع أظهر.