فما شُرِع الجهاد لأجل الطمع في الممالك والأموال، أو توسيع السلطة، أو
السيطرة على الناس؛ ما شُرِع إلاَّ لنشر التوحيد، وإعلاء كلمة الله في الأرض،
وإزالة الشرك والكفر، وعبادة الله وحده لا شريك له! هذا هو الذي شُُرع من أجله
الجهاد في سبيل الله، ومَن لم يكن قصده هذا فليس هو في سبيل الله.
ولما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الرجل يقاتل حَمِية، والرجل يقاتل
شجاعة، والرجل يقاتل من أجل المغنم، أيُّ ذلك في سبيل الله؟ قال صلى الله عليه
وسلم: «مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ
اللَّهِ هِيَ العُلْيَا، فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عز وجل » ([1])، هذا هو الذي يكون
في سبيل الله.
قال: «وبها ظَهَر الفرق بين المطيع
والعاصي من العباد»، وبها ظهر الفرق بين عباد الله وعباد الشيطان. فالذين
عبدوا الله وحده لا شريك له هم عباد الرحمن. والذين أشركوا مع الله غيره واتبعوا
أهواءهم هم عباد الشيطان.
قال: «فمَن قالها» لابد من القول.
«وعَمِل بها» لا يكفي القول، بل
لابد من العمل، ولا يمكن العمل إلاَّ بمعرفة معنى «لا إله إلاَّ الله»، فلابد من النطق بها باللسان، ومعرفة معناها،
والعمل بمقتضاها.
«صدقًا، وإخلاصًا» لابد من الصدق والإخلاص في العمل. فالصدق ينفي النفاق؛ لأن المنافق يقول: «لا إله إلاَّ الله»، لكنه ليس صادقًا في
([1]) أخرجه: البخاري رقم (123)، ومسلم رقم (1904).