×

 هكذا فِعْل الراسخين في العلم. أما أهل الزيغ فهم يأخذون الطرف الذي يصلح لهم ويتركون الأطراف الأخرى، ويقولون: نحن نستدل بالقرآن وبالأحاديث. نقول: كذبتم، لم تستدلوا بالقرآن ولا بالأحاديث، الاستدلال بالقرآن والأحاديث يقتضي الاستدلال بالكل، وليس الاستدلال بالبعض فقط.

قوله: «يُصَاحُ بِرَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رُءُوسِ الْخَلاَئِقِ» يعني: ينادى يوم القيامة على رءوس الخلائق.

قوله: «تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ سِجِلًّا» «السجل»: هو الدفتر الكبير الذي تُكتب فيه الأشياء، وهو ليس مثل سجلات البشر، تلك الدفاتر الصغيرة هذه، إنما «كُلُّ سِجِلٍّ مَدَّ الْبَصَرِ».

قوله: «فَيَقُولُ: بَلَى، إِنَّ لَكَ عِنْدَنَا حَسَنَاتٍ، وَإِنَّهُ لاَ ظُلْمَ عَلَيْكَ الْيَوْمَ» وهذا دليل على أن التوحيد حسنة، قال عز وجل: ﴿مَن جَآءَ بِٱلۡحَسَنَةِ فَلَهُۥ خَيۡرٞ مِّنۡهَا وَهُم مِّن فَزَعٖ يَوۡمَئِذٍ ءَامِنُونَ [النمل: 89] هذا هو التوحيد. وقال الله عز وجل: ﴿وَمَن جَآءَ بِٱلسَّيِّئَةِ المراد بالسيئة هنا الشرك، ﴿فَكُبَّتۡ وُجُوهُهُمۡ فِي ٱلنَّارِ هَلۡ تُجۡزَوۡنَ إِلَّا مَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ [النمل: 90].

فالتوحيد أعظم الحسنات، والشرك أعظم السيئات والعياذ بالله.

والله عز وجل لا يظلم أحدًا، قال عز وجل: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَظۡلِمُ مِثۡقَالَ ذَرَّةٖۖ وَإِن تَكُ حَسَنَةٗ يُضَٰعِفۡهَا وَيُؤۡتِ مِن لَّدُنۡهُ أَجۡرًا عَظِيمٗا [النساء: 40].

فهذا الرجل عصى الله فيما يملأ تسعة وتسعين سِجِلًّا، ولكن الله كان حليمًا عليه ولطيفًا به، فأنصفه ولم يظلمه.


الشرح