×

قوله: «فقد فارق المشركين بالقلب واللسان والأركان» أي: كان مخالفًا لهم ومباينًا لهم من جميع الوجوه، مقطوع الصلة بالمشركين، إلاَّ صلة الدعوة إلى الله عز وجل وإنكار المنكر، ليس بينه وبينهم صلة محبة ولا مودة، فقد كان يتبرأ حتى من أبيه؛ بل اتخذه عدوًّا وهو أقرب الناس إليه.

قال عز وجل: ﴿قَدۡ كَانَتۡ لَكُمۡ أُسۡوَةٌ حَسَنَةٞ فِيٓ إِبۡرَٰهِيمَ وَٱلَّذِينَ مَعَهُۥٓ إِذۡ قَالُواْ لِقَوۡمِهِمۡ إِنَّا بُرَءَٰٓؤُاْ مِنكُمۡ وَمِمَّا تَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ كَفَرۡنَا بِكُمۡ وَبَدَا بَيۡنَنَا وَبَيۡنَكُمُ ٱلۡعَدَٰوَةُ وَٱلۡبَغۡضَآءُ أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤۡمِنُواْ بِٱللَّهِ وَحۡدَهُۥٓ إِلَّا قَوۡلَ إِبۡرَٰهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسۡتَغۡفِرَنَّ لَكَ وَمَآ أَمۡلِكُ لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن شَيۡءٖۖ رَّبَّنَا عَلَيۡكَ تَوَكَّلۡنَا وَإِلَيۡكَ أَنَبۡنَا وَإِلَيۡكَ ٱلۡمَصِيرُ [الممتحنة: 4].

وقال عز وجل: ﴿وَمَا كَانَ ٱسۡتِغۡفَارُ إِبۡرَٰهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَن مَّوۡعِدَةٖ وَعَدَهَآ إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُۥٓ أَنَّهُۥ عَدُوّٞ لِّلَّهِ تَبَرَّأَ مِنۡهُۚ إِنَّ إِبۡرَٰهِيمَ لَأَوَّٰهٌ حَلِيمٞ [التوبة: 114].

قوله: «وأنكر ما كانوا عليه من الشرك بالله في عبادته، وكسر الأصنام، وصبر على ما أصابه في ذات الله» لما ذهبوا إلى عيدهم، اعتذر عن الذَّهاب معهم للعيد لأنه مريض ﴿فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٞ [الصافات: 89]، فلما انفرد بالأصنام قام إليها وكسرها بيده!!

فمَن يجرؤ على فعل هذا بين أمة ظالمة غاشمة، فيكسر أعز شيء عندهم وهو الأصنام؟! لا أحد يجرؤ على هذا إلاَّ أهل الإخلاص وأهل اليقين بالله عز وجل، فهو كسر أصنامهم وهو يتوقع ماذا سيكون منهم، ولكنه صبر في ذات الله عز وجل.


الشرح