قوله:وقول
الله تعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ هُم مِّنۡ
خَشۡيَةِ رَبِّهِم مُّشۡفِقُونَ﴾ إلى قوله: ﴿وَٱلَّذِينَ
هُم بِرَبِّهِمۡ لَا يُشۡرِكُونَ﴾.
قال
العماد ابن كثير رحمه الله: أي: مع إحسانهم وعملهم الصالح مشفقون من الله خائفون
وَجِلون من مَكْره بهم؛ كما قال الحسن البصري: «المؤمن مَن جَمَع إحسانًا وشفقًا،
والمنافق مَن جَمَع إساءةً وأَمْنًا» ([1]).
﴿وَٱلَّذِينَ هُم بَِٔايَٰتِ
رَبِّهِمۡ يُؤۡمِنُونَ﴾ [المؤمنون: 58]: أي: يؤمنون بآيات الله الكونية
والشرعية؛ لقوله عز وجل عن مريم: ﴿وَصَدَّقَتۡ بِكَلِمَٰتِ
رَبِّهَا وَكُتُبِهِۦ وَكَانَتۡ مِنَ ٱلۡقَٰنِتِينَ﴾ [التحريم: 12]،
أي: أيقنت أن ما كان فهو من قدر الله وقضائه، وما شرعه الله وإن كان أمرًا فهو ما
يحبه الله ويرضاه، وإن كان نهيًا فهو ما يكرهه ويأباه، وإن كان خبرًا فهو حق؛ كما
قال عز وجل: ﴿وَٱلَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمۡ
لَا يُشۡرِكُونَ﴾، أي: لا يعبدون معه غيره، بل يوحدونه، ويعلمون
أنه لا إله إلاَّ هو الأحد الصمد، الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدًا، وأنه لا نظير له.
انتهى.
قلت:
فتَرْك الشرك يتضمن كمال التوحيد، ومعرفته على الحقيقة، ومحبته، وقَبوله، والدعوة
إليه؛ كما قال الله عز وجل: ﴿قُلۡ إِنَّمَآ أُمِرۡتُ
أَنۡ أَعۡبُدَ ٱللَّهَ وَلَآ أُشۡرِكَ بِهِۦٓۚ إِلَيۡهِ أَدۡعُواْ وَإِلَيۡهِ مََٔابِ﴾ [الرعد: 36]،
وتضمنت هذه الآية كمال التوحيد وتحقيقه. وبالله التوفيق.
**********
أورد الشيخ رحمه الله في هذا الباب الآيات التي تدل على أن أعظم أنواع تحقيق التوحيد هو تصفيته وتخليصه من الشرك الأكبر
([1]) أخرجه: الطبري في تفسيره (18/ 32).