فَهُم جمعوا بين الصفتين:
العمل الصالح، والخوف من عدم القَبول. ولهذا قالت عائشة رضي الله عنها للرسول صلى
الله عليه وسلم لما سمعت هذه الآية: يا رسول الله، أهم الذين يزنون، ويسرقون،
ويشربون الخمر، ويخافون الله عز وجل ؟ قال: «لاَ يَا بِنْتَ الصِّدِّيقِ، وَلَكِنَّهُمُ الَّذِينَ يَصُومُونَ
وَيُصَلُّونَ وَيَتَصَدَّقُونَ، وَهُمْ يَخَافُونَ أَنْ لاَ تُقْبَلَ مِنْهُمْ»
([1]).
الشاهد من الآية: قوله عز وجل: ﴿وَٱلَّذِينَ
هُم بِرَبِّهِمۡ لَا يُشۡرِكُونَ﴾ ولهذا اقتصر الشيخ على ذكر هذه الصفة؛ لأنها تفسر تحقيق
التوحيد، وأنه السلامة من الشرك بجميع أنواعه.
قوله: «قال العماد ابن كثير رحمه الله:
أي من إحسانهم وعملهم الصالح مشفقون من الله خائفون وجلون من مَكْره بهم».
المكر المحمود: هو إيصال العقوبة إلى من يستحقها من حيث لا يشعر. وهو من
الله حق؛ لأنه سبحانه لا يمكر إلاَّ بمن مكر به، أو مكر بعباده؛ مجازاة، وهو عدل
منه سبحانه وتعالى.
أما المكر المذموم: فهو إيصال الأذى خفية إلى من لا يستحقه.
قال عز وجل: ﴿وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ ٱللَّهُۖ وَٱللَّهُ خَيۡرُ ٱلۡمَٰكِرِينَ﴾ [آل عمران: 54]، وقال: ﴿وَيَمۡكُرُونَ وَيَمۡكُرُ ٱللَّهُۖ وَٱللَّهُ خَيۡرُ ٱلۡمَٰكِرِينَ﴾ [الأنفال: 30]؛ لأن هؤلاء مكروا بأنبياء الله وأرادوا قتلهم بغير حق، فمكر الله بهم بأن عاقبهم عقوبة أوصلها إليهم بطريق خفي لم يشعروا به؛ جزاء وعدلاً منه سبحانه وتعالى.
([1]) أخرجه: الترمذي رقم (3175)، وابن ماجه رقم (4198)، وأحمد رقم (25263)، وأبو يعلى رقم (4917).