×

وقال عز وجل عن خليله عليه السلام ﴿فَلَمَّا رَءَا ٱلشَّمۡسَ بَازِغَةٗ قَالَ هَٰذَا رَبِّي هَٰذَآ أَكۡبَرُۖ فَلَمَّآ أَفَلَتۡ قَالَ يَٰقَوۡمِ إِنِّي بَرِيٓءٞ مِّمَّا تُشۡرِكُونَ ٧٨إِنِّي وَجَّهۡتُ وَجۡهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ حَنِيفٗاۖ وَمَآ أَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ ٧٩. أي: أخلصت ديني وأفردت عبادتي ﴿لِلَّذِي فَطَرَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ أي: خلقهما وابتدعهما على غير مثال سابق ﴿حَنِيفٗاۖ أي: في حالة كوني حنيفًا، أي: مائلاً عن الشرك إلى التوحيد. ولهذا قال: ﴿وَمَآ أَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ [الأنعام: 78- 79].

ونظائر هذه الآية في القرآن كثير؛ كقوله: ﴿وَمَنۡ أَحۡسَنُ دِينٗا مِّمَّنۡ أَسۡلَمَ وَجۡهَهُۥ لِلَّهِ وَهُوَ مُحۡسِنٞ وَٱتَّبَعَ مِلَّةَ إِبۡرَٰهِيمَ حَنِيفٗاۗ وَٱتَّخَذَ ٱللَّهُ إِبۡرَٰهِيمَ خَلِيلٗا [النساء: 125].

وقال عز وجل: ﴿وَمَن يُسۡلِمۡ وَجۡهَهُۥٓ إِلَى ٱللَّهِ وَهُوَ مُحۡسِنٞ فَقَدِ ٱسۡتَمۡسَكَ بِٱلۡعُرۡوَةِ ٱلۡوُثۡقَىٰۗ وَإِلَى ٱللَّهِ عَٰقِبَةُ ٱلۡأُمُورِ [لقمان: 22].

قال العماد ابن كثير رحمه الله في الآية: يقول عز وجل مخبرًا عمن أسلم وجهه لله، أي: أخلص له العمل، وانقاد لأوامره، واتبع شرعه؛ ولهذا قال: ﴿وَهُوَ مُحۡسِنٞ أي: في عمله، واتباع ما أمر به، وترك ما عنه زَجَر.

فدلت هذه الآية العظيمة على أن كمال الإخلاص إنما يوجد بترك الشرك والبراءة منه وممن فعله؛ كما تقدم في الباب قبل هذا.

**********

 هذا هو تحقيق التوحيد، البراءة من الشرك ﴿إِنِّي بَرِيٓءٞ مِّمَّا تُشۡرِكُونَ والإخلاص لله ﴿إِنِّي وَجَّهۡتُ وَجۡهِيَ أي نيتي وقصدي وعملي ﴿لِلَّذِي فَطَرَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ مقبلاً على الله مُعْرِضًا عما سواه، مهما كَلَّف الأمر ﴿وَمَآ أَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ.


الشرح