×

«من المشركين»، جاء بها في أول الكلام وفي آخره تأكيدًا لها؛ ولأن البراءة من المشركين من تحقيق التوحيد. أما الذي لا يتبرأ من المشركين فهو لم يخلص التوحيد لله عز وجل. فالذي يستأنس معهم، ويأكل ويشرب معهم، ويجالسهم، ويقول: «أنا ما عليَّ منهم، لهم دينهم ولي ديني». هذا لم يتبرأ من المشركين؛ لأن الذي يتبرأ منهم يبتعد عنهم ويعاديهم.

قوله: ﴿لِلَّذِي فَطَرَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وهو الله عز وجل.

وقوله: ﴿فَطَرَ يعني: خَلَق ابتداءً. يقول العربي: «هذه بئر فَطَرْتُها بيدي»، يعني: أنا الذي حفرها، ولم يسبق أن حفرها غيري. والفَطْر: هو إيجاد الشيء من غير مثال سابق، فالله خَلَق السماوات والأرض من غير مثال سابق، بل ابتدعها سبحانه، بديع السماوات والأرض، أي: ابتدعها من غير أن يسبق لها نظير، بقدرته سبحانه وتعالى.

﴿حَنِيفٗاۖ الحنيف: هو المائل عن الشرك إلى التوحيد، متوجه إلى التوحيد ومُعْرِض عن الشرك وأهله، ﴿وَمَآ أَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ هذا من باب التأكيد للبراءة من الشرك.

قوله: «﴿وَمَنۡ أَحۡسَنُ دِينٗا مِّمَّنۡ أَسۡلَمَ وَجۡهَهُۥ لِلَّهِ» إسلام الوجه لله هو الإخلاص لله عز وجل في القول والعمل، فيخلص نيته وقصده لله عز وجل لا ينوي بأعماله ولا يريد غير الله سبحانه وتعالى، لا رياء ولا سمعة، ويتجنب الشرك أكبره وأصغره، ﴿وَهُوَ مُحۡسِنٞ أي: مُتَّبِع للشرع غير مبتدع، وكذلك متجنب للإصرار على الذنوب والمعاصي، فلا يبقى على ذنب بل يتوب إلى الله عز وجل.


الشرح