قوله:
وقول الله تعالى: ﴿إِنَّ إِبۡرَٰهِيمَ كَانَ
أُمَّةٗ قَانِتٗا لِّلَّهِ حَنِيفٗا وَلَمۡ يَكُ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ﴾.
قال
العماد ابن كثير رحمه الله: يمدح الله عبده ورسوله وخليله إبراهيم إمام الحنفاء -
بتبرئته من المشركين، ومن اليهودية، والنصرانية، والمجوسية.
والأمة:
هو الإمام الذي يُقتدى به. والقانت: هو الخاشع المطيع. والحنيف: المنحرف قصدًا عن
الشرك إلى التوحيد؛ ولهذا قال: ﴿وَلَمۡ يَكُ مِنَ
ٱلۡمُشۡرِكِينَ﴾ وقال مجاهد: «كان إبراهيم أمة، مؤمنًا وحده،
والناس كلهم إذ ذاك كفار».
**********
هذه صفات إبراهيم عليه السلام، كان قدوة وإمامًا للحنفاء، وهو أبو
الأنبياء، صلى الله عليه وسلم وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.
· وقد ذكر الله له خمس صفات في هذه الآية:
الصفة الأولى: أنه كان أُمَّة. والأمة والإمام بمعنى واحد، أي:
القدوة، قال عز وجل: ﴿وَإِذِ ٱبۡتَلَىٰٓ
إِبۡرَٰهِۧمَ رَبُّهُۥ بِكَلِمَٰتٖ فَأَتَمَّهُنَّۖ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ
لِلنَّاسِ إِمَامٗاۖ قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِيۖ قَالَ لَا يَنَالُ عَهۡدِي ٱلظَّٰلِمِينَ﴾ [البقرة: 124]
يعني: قدوة في الخير.
وقيل: معنى ﴿كَانَ أُمَّةٗ﴾ أنه أول ما بعثه
الله لم يكن على وجه الأرض مؤمن، بل كان وحده على الإيمان والتوحيد، فكان غريبًا
في وجه الأرض؛ ولذلك جعله الله أمة، أي: يقوم مقام أُمة.
الصفة الثانية: أنه كان قانتًا. والقنوت: الثبات والدوام، أي:
ثابتًا على طاعة الله سبحانه وتعالى مداومًا عليها، لا يتزحزح عنها لأي غرض كان،
لا من التهديدات ولا من المغريات، فلا يتأثر بالمغريات ويترك الطاعة،