والمشركين! مع هذا لم يأمن على نفسه أن يُبتلى فيقع في الشرك؛ لأنه بشر،
والبشر عُرْضة للابتلاء والامتحان ما داموا على قيد الحياة.
ثم لم يقتصر خوفه على نفسه، فدعا لبنيه أن يجنِّبهم الله عبادة الأصنام.
وهذا من نصحه عليه السلام.
ثم بَيَّن السبب الذي حمله على هذا الخوف وعلى هذا الدعاء، فقال: ﴿رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضۡلَلۡنَ
كَثِيرٗا مِّنَ ٱلنَّاسِۖ﴾ [إبراهيم: 36]؛ لأنه رأى أن عبادة الأصنام وقع فيها
كثير من الناس، فخشي على نفسه أن يقع في الشرك.
وفي هذا الاعتبار والعظة بما عليه الغير، والسعيد مَن وُعِظ بغيره! فما دام
قد وقع فيه الكثير فالخطر شديد، وكثرة الشرك في الناس توجب الخوف أن يقع الإنسان
فيما وقع فيه الناس وأن يسري إليه البلاء الذي وقع فيه الناس.
ولهذا قال إبراهيم التيمي رحمه الله: «ومَن
يأمن البلاء بعد إبراهيم؟!»، فإذا كان إبراهيم عليه السلام قد خاف على نفسه من
الشرك والابتلاء، فكيف نأمن نحن على أنفسنا؟
قوله: «فهذا أمر لا يؤمن من الوقوع فيه،
وقد وقع فيه الأذكياء من هذه الأمة بعد القرون المفضلة!!» فقد وقع فيه
الأذكياء من الناس في هذا الزمان.
فتجد بعض مَن عندهم خبرة ومعرفة، وعندهم علوم - يأتي إلى القبر ويبكي عنده،
ويرفع يديه ويتضرع عند القبر، ويقول: يا سيدي فلان أغثني! أنا في حسبك! أنا في
ضيافتك! وأشباه ذلك. وهو على