×

فما أَشْبَهَ ما وقع في آخر هذه الأمة بحال أهل الجاهلية من مشركي العرب وغيرهم! بل وقع ما هو أعظم من الشرك بالإلهية في شركهم في الربوبية مما يطول عده.

فذَكَر عليه السلام السبب الذي أوجب له الخوف عليه وعلى ذريته بقوله: ﴿رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضۡلَلۡنَ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلنَّاسِۖ [إبراهيم: 36]، وقد ضلت الأمم بعبادة الأصنام في زمن الخليل وقبله وبعده.

**********

 قوله: «وقال الخليل عليه السلام: ﴿وَٱجۡنُبۡنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعۡبُدَ ٱلۡأَصۡنَامَ» الخليل: هو إبراهيم عليه السلام، سُمي بالخليل لأن الله اتخذه خليلاً؛ كما قال عز وجل: ﴿وَٱتَّخَذَ ٱللَّهُ إِبۡرَٰهِيمَ خَلِيلٗا [النساء: 125].

والخُلة: هي أعلى درجات المحبة، ولم ينل هذه المرتبة من الخلق إلاَّ إبراهيم ومحمد، عليهما الصلاة والسلام، وهذه ميزة عظيمة، فإن محمدًا صلى الله عليه وسلم قال: «فَإِنَّ الله تَعَالَى قَدِ اتَّخَذَنِي خَلِيلاً، كَمَا اتَّخَذَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أُمَّتِي خَلِيلاً لاَتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلاً» ([1]).

وأما بقية المؤمنين فإن الله يحب كل مؤمن وكل تقي.

قال الخليل عليه السلام: ﴿رَبِّ ٱجۡعَلۡ هَٰذَا ٱلۡبَلَدَ ءَامِنٗا يدعو لمكة ﴿وَٱجۡنُبۡنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعۡبُدَ ٱلۡأَصۡنَامَ أي: أَبْعِدني وجَنِّبني عبادة الأصنام!

فإذا كان الخليل على منزلته العظيمة - التي لم ينلها من الخلق إلاَّ محمد صلى الله عليه وسلم - يخاف على نفسه، مع أنه قاوم الشرك، وكسر الأصنام، وصبر على ما ناله من الأذى، حتى أُلقي في النار بسبب موقفه من الشرك


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (532).