×

قوله: «وقال الخليل عليه السلام: ﴿وَٱجۡنُبۡنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعۡبُدَ ٱلۡأَصۡنَامَ  أي: إبراهيم عليه السلام خليل الرحمن.

والخُلَّة أخص من المحبة؛ ولهذا خُص بها الخليلان: إبراهيم ومحمد، صلى الله عليهما وسلم.

﴿وَٱجۡنُبۡنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعۡبُدَ ٱلۡأَصۡنَامَ: وهذا أيضًا يخيف العبد!

فإذا كان الخليل إمام الحنفاء، الذي جعله الله أمة وحده، وابتلاه بكلمات فأتمهن، وقال: ﴿وَإِبۡرَٰهِيمَ ٱلَّذِي وَفَّىٰٓ [النجم: 37]، وأُمِر بذبح ولده فامتثل أمر ربه، وكسر الأصنام، واشتد نكيره على أهل الشرك!! ومع ذلك يخاف أن يقع في الشرك الذي هو عبادة الأصنام؛ لعِلْمه أنه لا يصرفه عنه إلاَّ الله، بهدايته وتوفيقه، لا بحوله هو ولا بقوته.

وما أَحْسَنَ ما قال إبراهيم التيمي: «ومَن يأمن البلاء بعد إبراهيم؟!» ([1]).

فهذا أمر لا يؤمن من الوقوع فيه، وقد وقع فيه الأذكياء من هذه الأمة بعد القرون المفضلة!!

فاتُّخذت الأوثان وعُبدت، فالذي خافه الخليل عليه السلام على نفسه وبنيه وقع فيه أكثر الأمة بعد القرون المفضلة!

فبُنيت المساجد والمَشاهد على القبور، وصُرفت لها العبادات بأنواعها، واتُّخذ ذلك دينًا، وهي أوثان وأصنام كأصنام قوم نوح، واللات والعزى ومناة، وأصنام العرب وغيرهم.


الشرح

([1])  أخرجه: الطبري في تفسيره (13/ 228)، وابن أبي حاتم في تفسيره (12287).