قوله: «فما أَشْبَهَ ما وقع في آخِر هذه
الأمة بحال أهل الجاهلية من مشركي العرب وغيرهم!» وقد بَلَغ الشرك في آخر هذه
الأمة من المنتسبين إلى الإسلام أشد مما وقع في الجاهلية!! لأن أهل الجاهلية كانوا
يشركون في الرخاء ويخلصون في الشدة. أما مشركو هذا الزمان فإنهم يشركون في الرخاء
والشدة، بل يَزيد شركهم في الشدة على شركهم في الرخاء، فإذا وقعوا في شدة ارتفعت
أصواتهم بمناداة الموتى والاستغاثة بهم لينقذوهم مما وقعوا فيه.
قوله: «فذَكَر عليه السلام السبب الذي
أوجب الخوف عليه وعلى ذريته بقوله:
﴿رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضۡلَلۡنَ
كَثِيرٗا مِّنَ ٱلنَّاسِۖ﴾ [إبراهيم: 36] » وهذا فيه الخوف من
الفتنة إذا انتشرت، فأهل الإيمان يخافون منها أن تسري إليهم وإلى أولادهم.
وهذا مما يوجب علينا الحذر من هذه الفتن التي انتشرت وعمَّت وطمَّت في
المجتمعات، فنخاف منها على أنفسنا وعلى بيوتنا وعلى أولادنا؛ لأن الشر إذا كثر عظم
خطره، بخلاف ما إذا قَلَّ أو خفي، فإنه لا يضر إلاَّ أهله.
قوله: «وقد ضلت الأمم بعبادة الأصنام في
زمن الخليل وقبله وبعده» أول مَن أحدث الشرك في الأرض قوم نوح عليه السلام،
لما غَلَوا في الصالحين ونصبوا صورهم. واستمر الشرك في الأمم إلى زمن الخليل عليه
السلام، وسيستمر إلى أن تقوم الساعة، ولا يُرفع من الأرض.