قوله:
وعن ابن مسعود رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ مَاتَ
وَهُوَ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ نِدًّا دَخَلَ النَّارَ» ([1]) رواه البخاري.
·
وهذا الحديث فيه التحذير من
الشرك أيضًا، والتخويف منه.
والنِّد:
المِثل والشَّبيه. فمن دعا ميتًا أو غائبًا، وأقبل إليه بوجهه وقلبه، رغبة إليه
ورهبة منه، سواء سأله أم لم يسأله.
فهذا
هو الشرك الذي لا يغفره الله. ولهذا حرم الله عز وجل اتخاذ الشفعاء، وأنكر على من
فَعَل ذلك أشد الإنكار؛ لكونه ينافي الإخلاص، الذي هو إقبال القلب والوجه على
الله، في كل ما يخافه العبد، ويرجوه، ويتقرب به، ويَدين به.
ومن
المعلوم أنه إذا التفت للشفيع يسأله فقد أعرض بوجهه وقلبه عن الله تعالى إلى غيره،
وذلك ينافي الإخلاص، ويأتي بيان ذلك في باب الشفاعة إن شاء الله تعالى.
**********
قوله: «مَنْ مَاتَ وَهُوَ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ نِدًّا» «الند»: هو الشريك، «دَخَلَ النَّارَ» هذا فيه أن من مات على الشرك دخل النار؛ كما قال عز
وجل: ﴿إِنَّهُۥ مَن يُشۡرِكۡ بِٱللَّهِ
فَقَدۡ حَرَّمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِ ٱلۡجَنَّةَ وَمَأۡوَىٰهُ ٱلنَّارُۖ وَمَا
لِلظَّٰلِمِينَ مِنۡ أَنصَارٖ﴾ [المائدة: 72].
فالمشرك إذا مات على الشرك ليس له مأوى إلاَّ النار، وليس له طمع في دخول
الجنة.
أما لو تاب إلى الله من الشرك قبل الموت، فإن الله يغفر له ويدخله الجنة. فالعبرة بما يموت عليه الإنسان، ومَن يدري متى يموت؟
([1]) أخرجه: البخاري رقم (4497).