قوله: «فَلْيَكُنْ
أَوَّلَ» منصوب على أنه خبر «يكن» مُقَدَّم، و«شَهَادَةُ» اسمها مؤخَّر. ويجوز
العكس.
وفيه
دليل على أن توحيد العبادة هو أول واجب؛ لأنه أساس الملة، وأصل دين الإسلام.
وأما
قول المتكلمين ومَن تبعهم: «إن أول واجب معرفة الله بالنظر والاستدلال»! فذلك أمر
فطري، فَطَر الله عليه عباده؛ ولهذا كان مُفتتَح دعوة الرسل أممهم إلى توحيد
العبادة: ﴿أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مَا
لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُۥٓۚ﴾ [المؤمنون: 32]، ﴿أَن
لَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّا ٱللَّهَۖ﴾ [هود: 26]، قال عز وجل: ﴿وَمَآ
أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِيٓ إِلَيۡهِ أَنَّهُۥ لَآ
إِلَٰهَ إِلَّآ أَنَا۠ فَٱعۡبُدُونِ﴾ [الأنبياء: 25].
وقال
عز وجل: ﴿قَالَتۡ رُسُلُهُمۡ أَفِي
ٱللَّهِ شَكّٞ فَاطِرِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ﴾ [إبراهيم: 10].
قال
العماد ابن كثير رحمه الله: هذا يحتمل شيئين:
أحدهما:
أفي وجوده شك؟ فإن الفِطَر شاهدة بوجوده، ومجبولة على الإقرار به، فإن الاعتراف به
ضروري في الفِطَر السليمة.
والمعنى
الثاني: أفي إلهيته وتفرده بوجوب العبادة له شك؟ وهو الخالق لجميع الموجودات، فلا
يستحق العبادة إلاَّ هو وحده لا شريك له، فإن غالب الأمم كانت مُقِرة بالصانع،
ولكن تعبد معه غيره من الوسائط التي يظنون أنها تنفعهم أو تقربهم من الله زلفى.
انتهى.
قلت:
وهذا الاحتمال الثاني يتضمن الأول.