وروى
أبو جعفر بن جرير بسنده عن عكرمة ومجاهد وعامر - أنهم قالوا: ليس أحد إلاَّ وهو
يعلم أن الله خلقه وخلق السماوات والأرض، فهذا إيمانهم.
وعن
عكرمة أيضًا: تسألهم: مَن خَلَق السماوات والأرض؟ فيقولون: الله. فذلك إيمانهم وهم
يعبدون غيره.
وتقدم
أن «لا إله إلاَّ الله» قد قُيِّدت في الكتاب والسنة بقيود ثقال، منها: العلم،
واليقين، والإخلاص، والصدق، والمحبة، والقَبول، والانقياد، والكفر بما يُعبد من
دون الله. فإذا اجتمعت هذه القيود لمن قالها نفعته هذه الكلمة. وإن لم تجتمع هذه
لم تنفعه. والناس متفاوتون في العلم بها والعمل، فمنهم مَن ينفعه قولها، ومنهم مَن
لا ينفعه كما لا يخفى.
**********
قوله: «لَمَّا بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ» أي: معاذ بن جبل رضي الله
عنه. و«البعث» هو الإرسال، أرسله
النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن، وهو القطر المعروف جنوب جزيرة العرب، سُمي
باليمن لأنه يقع أيمن الكعبة. والشام سُمي بالشام لأنه يقع شمال الكعبة.
أرسله النبي صلى الله عليه وسلم قاضيًا ومعلمًا وداعيًا إلى الله عز وجل،
ينوب عن الرسول صلى الله عليه وسلم في هذه المهمات.
· ففي هذا فوائد، منها:
أولاً: فيه مشروعية إرسال الدعاة إلى الله عز وجل، وأنه سُنة نبوية.
ثانيًا: فيه فضيلة لمعاذ رضي الله عنه، حيث اختاره النبي صلى الله عليه وسلم لهذه
المهمة العظيمة، مما يدل على فضله وعلمه؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يرسل
إلاَّ مَن