توفرت فيه الشروط
المطلوبة، وقد توفرت في معاذ رضي الله عنه، وكان أعلم الناس بالحلال والحرام.
ثالثًا: فيه العمل بخبر الواحد؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أرسل معاذًا وحده.
وهذا يدل على أنه يُعتمد خبر الواحد ولا يُشترط التواتر - كما يقوله بعض
الضُّلال - يقولون: «أمور العقائد لا
يُقبل فيها خبر الواحد». والرسول صلى الله عليه وسلم اكتفى بخبر الواحد، فأرسل
معاذًا إلى اليمن يدعو إلى الله ويُعَلِّم التوحيد، وهكذا، لم يكن الرسول صلى الله
عليه وسلم يُرسل رسله جماعات، وإنما كان يرسلهم أفرادًا، كما بَعَث عليًّا، وبَعَث
معاذًا، وبَعَث أبا عُبَيْدة بن الجراح.
وهذا يدل على قَبول خبر الواحد في أصول الدين وفروعه. وأما ما قاله بعض
علماء الكلام فهو باطل.
وكان في اليمن يهود ونصارى، فقال له صلى الله عليه وسلم: «إِنَّكَ تَأْتِي قَوْمًا مِنْ أَهْلِ
كِتَابٍ» هذا فيه وصية الإمام لمندوبه حينما يرسله، فيخط له المنهج، ويرسم له
الطريق الذي يسير عليه.
وهذه سُنة الرسول صلى الله عليه وسلم في بعوثه، أنه إذا أرسل جيشًا أو سرية
يوصيهم.
وقوله: «مِنْ أَهْلِ
كِتَابٍ» المراد بأهل الكتاب: اليهود والنصارى. سُموا أهل الكتاب لأن الله
أنزل عليهم التوراة والإنجيل؛ التوراة على موسى، والإنجيل على عيسى، عليهما الصلاة
والسلام، فسُمي أتباع الرسولين بأهل الكتاب؛ فرقًا بينهم وبين الوثنيين، الذين ليس
لهم كتاب ولا يؤمنون بالرسل.