المتكلمون - وهم علماء الكلام والنُّظَّار - يفسرون «لا إله إلاَّ الله» بتوحيد الربوبية، فيقولون: «لا إله» أي: لا قادر على الخلق والاختراع والإيجاد «إلا الله».
وهذا تفسير باطل؛ لأن هذا كان يُقِر به المشركون من قبل، ولم يُدخلهم في
الإسلام، بل قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه، واستحل دماءهم وأموالهم.
فليس المقصود بالتوحيد هو الإقرار بتوحيد الربوبية فقط، بل المراد الإقرار
بتوحيد الإلهية، وهو إفراد الله عز وجل بالعبادة.
والمتكلمون بَنَوا عقيدتهم على علم الجدل والبراهين التي يسمونها العقلية،
ولم يبنوها على الكتاب والسُّنة.
قوله: «وأما قول المتكلمين ومَن
تَبِعهم: إن أول واجب معرفة الله بالنظر والاستدلال! فذلك أمر فطري فَطَر الله
عليه عباده» النظر مركوز في الفِطَر، لا يُحتاج إليه، وأول ما يُؤْمَر به
الإنسان: أن يشهد أَنْ لا إله إلاَّ الله وأن محمدًا رسول الله. ولا يقال له: انظر
أولاً واستدِل على وجود الخالق، ثم بعد ذلك إذا عَرَفتَ أنه ما من إله إلاَّ الله،
فاعبده!! هذا لم تأتِ به الرسل، ولا نزلت به الكتب.
قال: «فذلك أمر فطري، فَطَر الله عليه
عباده؛ ولهذا كان مُفتتَح دعوة الرسل أممهم إلى توحيد العبادة ﴿أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مَا
لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُۥٓۚ﴾ [المؤمنون: 32] »، كل الرسل أول ما
يأمرون يقولون لأممهم: ﴿أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ
مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُۥٓۚ﴾ ولم يقولوا: انظروا أولاً
ثم بعد ذلك اعبدوا الله.