قوله:
«فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ، فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ»: تحذيرًا
له من أن يتجاوز ما شرعه الله ورسوله في الزكاة، وهو أَخْذها من أوساط المال؛ لأن
ذلك سبب لإخراجها بطِيب نفس ونية صحيحة. وكل ما زاد على المشروع فلا خير فيه. وهذا
أصل ينبغي التفطن له.
قوله:
«وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ» يدل على أن العامل إذا زاد على المشروع صار
ظالمًا لمن أَخَذ ذلك منه. ودعوة المظلوم مقبولة، ليس بينها وبين الله حجاب يمنع
قَبولها.
وفيه
التحذير من الظلم مطلقا، فعلى العامل أن يتحرى العدل فيما استعمل فيه، فلا يظلم
بأخذ زيادة على الحق، ولا يحابي بترك شيء منه، فعليه أن يقصد العدل من الطرفين،
والله أعلم.
**********
قوله: «فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ، فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ»
هذا فيه أن الزكاة لا تؤخذ من الجيد، ولا تؤخذ من الرديء، وإنما تؤخذ من المتوسط؛
لأنها عَدْل، فإن أُخِذت من الجيد فهذا جَوْر وظُلْم، وإن أُخِذت من الرديء فهذا
ظلم للفقراء ونقص في حقهم. وإذا أُخِذت من الوسط فهذا هو العدل.
قوله: «وكل ما زاد على المشروع فلا خير
فيه» لا يجوز الغلو في العبادات والزيادة في العبادات.
قوله: «وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ»؛
لأن هذا نوع من أنواع الظلم، وإلا فإن الظلم أنواع كثيرة - والعياذ بالله - أعظمه
الشرك. والمظلوم إذا دعا استجيبت دعوته ولو كان كافرًا.
وقوله: «وَاتَّقِ دَعْوَةَ
الْمَظْلُومِ» يشمل الولاة والعمال والموظفين، ويشمل كل من له سلطة، أن يعدل
بين الناس، ولا يظلمهم، ولا يتعدى على أموالهم.