×

وقول الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم: ﴿قُلۡ هَٰذِهِۦ سَبِيلِيٓ أَدۡعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا۠ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِيۖ وَسُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ وَمَآ أَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ [يوسف: 108].

أَمَره سبحانه أن يقول للناس: ﴿هَٰذِهِۦ سَبِيلِيٓ أي: طريقتي ومنهجي الذي أسير عليه، ﴿أَدۡعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِۚ أدعو الناس إلى توحيد الله، وعبادته، وامتثال أمره، واجتناب نهيه. وكذلك الدعوة إلى بقية شرائع الدين، فتكون الدعوة للكفار للدخول في الإسلام، وتكون الدعوة للعصاة من المسلمين للتوبة إلى الله عز وجل، وأداء الواجبات، والتحذير من الوقوع في الشرك، واجتناب المحرمات. فالدعوة ليست مقصورة على دعوة الكفار، بل حتى المسلمون الذين هم بحاجة إلى الدعوة لوقوعهم في المعاصي والمخالفات - يحتاجون إلى دعوة، دعوة إلى التوبة، وأداء الواجبات، وتَرْك المحرمات، والمخافة من الله عز وجل.

فالدعوة عامة، والدعوة إلى معرفة التوحيد ومعرفة ضده.

فقوله: ﴿إِلَى ٱللَّهِۚ فيه دليل على وجوب الإخلاص في الدعوة، وأن يكون قصد الإنسان في الدعوة وجه الله عز وجل، لا يقصد بها طمعًا دنيويًّا، أو مدحًا وثناءً من الناس، أو أن يكون له مكانة في المجتمع وبروز بين الناس. فإن كان هذا قصده فهو خاسر، وهذا لا يدعو إلى الله وإنما يدعو إلى نفسه؛ كما ذكر الشيخ رحمه الله في مسائل هذا الباب.

فقد يدعو الإنسان ويحاضر ويخطب، لكن قصده من ذلك أن يتبين شأنه عند الناس، ويصير له مكانة بينهم، فيمدحونه، ويتجمهرون عليه ويَكثرون حوله. فإذا كان هذا قصده، فهو لم يدعُ إلى الله، وإنما يدعو إلى نفسه.


الشرح