والإنسان الذي يترك الدعوة فإنه ترك واجبًا عظيمًا. والإنسان الذي لم
يُخْلِص في الدعوة يقع في محظور عظيم!
بل لابد من الدعوة، وأن تكون خالصة لوجه الله عز وجل، ويكون القصد منها
إقامة شرع الله، والقصد منها هداية الناس ونفع الناس، سواء مدحوك أو ذمُّوك!! فبعض
الناس إذا لم يُمْدَح ويُشَجََّع تَرَك الدعوة! وهذا دليل على أنه لا يدعو إلى
الله، وإنما يدعو إلى نفسه.
فليتنبه المسلم، ويكون رائده وقصده من دعوته هو الإخلاص لوجه الله عز وجل،
ونفع الناس، وتخليصهم من الشرك ومن البدع ومن المخالفات، وأن يؤدي الواجب الذي
عليه.
والكثرة حول الشخص لا تدل على فضله، بعض الأنبياء لم يتبعه إلاَّ القليل،
قال صلى الله عليه وسلم: «عُرِضَتْ
عَلَيَّ الأُْمَمُ، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ الرُّهَيْطُ،
وَالنَّبِيَّ وَمَعَهُ الرَّجُلُ وَالرَّجُلاَنِ، وَالنَّبِيَّ لَيْسَ مَعَهُ
أَحَدٌ» ([1]). هل هذا يدل على
عدم فضل هذا النبي؟ الجواب: حاشا وكلا.
فالإنسان لا ينظر إلى كثرة الحاضرين، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «فَوَاللَّهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ
رَجُلاً وَاحِدًا، خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ» ([2]).
وقد اجتمع الناس على باب ابن مسعود رضي الله عنه، وهو يريد الخروج إلى الصلاة، فلما خرج ومَشَوا خلفه، التفت إليهم وقال: ألكم حاجة؟ قالوا: لا. قال: «ارجعوا فإنها ذِلة للتابع فتنة للمتبوع» ([3]).
([1]) أخرجه: البخاري رقم (6541)، ومسلم رقم (220).