×

وفي قوله: ﴿عَلَىٰ بَصِيرَةٍ دليل على أنه يُشترَط في الذي يدعو إلى الله أن يكون عالمًا بما يدعو إليه، وعالمًا بما ينهى عنه.

فمَن لم يكن عالمًا بما يدعو إليه فإنه لا يجوز له أن يدعو إلى الله؛ لأنه جاهل، والجاهل لا يصلح للدعوة إلى الله؛ لأنه قد يُحلِّل حرامًا، أو يُحرِّم حلالاً، أو يقول على الله بلا علم، فيضلِّل الناس.

وقوله: ﴿أَنَا۠ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِي فيه أن اتِّباع الرسول صلى الله عليه وسلم يقتضي الدعوة إلى الله عز وجل، فإذا كان الرسول يدعو إلى الله على بصيرة، فإن أتباعه يقتدون به ويدعون إلى الله على بصيرة.

فدلت هذه الآية على بيان منهج الدعوة ومقوماتها، وأنها طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم وطريقة أتباعه؛ لقوله: ﴿أَنَا۠ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِي.

فكل مَن اتبعه إلى يوم القيامة يجب عليه أن يدعو إلى الله على علم ومعرفة لا عن جهل وتَخَرُّص.

أما الذين يَدَّعُون أنهم أتباعه، ولكنهم يخالفونه في كثير من الأمور؛ فهؤلاء وإن انتسبوا إليه فليسوا أتباعًا له على الحقيقة.

وقوله: ﴿وَسُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ وَمَآ أَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ فيه أن الذي يدعو إلى الله يجب عليه أن ينزه الله عما لا يليق به؛ من الشرك والنقائص والعيوب، بأن يُثبت لله ما أثبته لنفسه أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء والصفات، وأن يُحَذِّر من الشرك والرياء والسمعة، وأن تكون عقيدته صالحة مستقيمة.

فالذي عنده ابتداع أو عنده شرك لا يصلح أن يكون داعية؛ لأنه لم ينزه الله سبحانه وتعالى.


الشرح