فيستغاث بالمخلوق فيما يَقْدِر عليه. أما الاستغاثة بالأموات فلا تجوز
مطلقًا؛ لأن الأموات لا يقدرون على شيء، لا الرسول صلى الله عليه وسلم ولا غيره؛
هم في عالَم وأنت في عالَم آخر، فلا تطلب من الأموات شيئًا بحجة أن لهم كرامات
وأنهم يَقْدِرون، هذا باطل، فالميت لا يُطلب منه شيء ولو كان من أفضل الناس.
ثم أقسم صلى الله عليه وسلم فقال: «فَوَاللَّهِ» وهذا فيه أن المفتي إذا كان متأكدًا من صواب فتواه فإنه
يحلف عليها.
«لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ
بِكَ رَجُلاً وَاحِدًا، خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ» وهذا فيه الترغيب
في الدعوة، وأن هداية رجل واحد على يديك خير لك من أموال الدنيا ونفائسها؛ لأن «حُمْرُ النَّعَمِ» هي أَنْفَس الأموال
عند العرب.
وهذا إذا اهتدى على يديك رجل واحد، فكيف إذا اهتدت على يديك أمة من الناس: أهل بلد، أو أهل إقليم؟ أو يهتدي على يديك أجيال متعاقبة من الناس؟ هذا كما في قوله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى، كَانَ لَهُ مِنَ الأَْجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ، لاَ يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلاَلَةٍ، كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الإِْثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ، لاَ يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا» ([1]).
([1]) أخرجه: مسلم رقم (2674).