الله، وأن يجادل المغرضين
والمعارضين، ويُدحض حُججهم بلسانه وبقلمه! فالدعوة إلى الله تكون باللسان، وتكون
بالقلم أيضًا، وتكون بالسيف والجهاد.
فيشترط في الداعية شرط أساسي، بل أصلي، بأن يكون على علم.
وأما الجاهل فلا يَصلح للدعوة، وإن كان عنده عبادة، وعنده ورع، وعنده تُقى،
وعنده غَيْرة على الدين، وعنده محبة للدين. هذا شيء طيب، وصفات طيبة، لكن نقول له:
الدعوة لا يدخل فيها إلاَّ مَن كان على علم. أما مجرد الخوف والخشية والعبادة
والورع والغَيرة والصلاح - فهذا شيء طيب، لكن أنت لا تصلح للدعوة لأنك لستَ على
علم، والله عز وجل يقول: ﴿عَلَىٰ
بَصِيرَةٍ﴾، ويقول: ﴿ٱدۡعُ
إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلۡحِكۡمَةِ﴾ [النحل: 125] والحكمة هي
العلم. فأنت لا تَصلح للدعوة، تَعَلَّمْ أولاً، فإذا تعلمت فتعالَ للدعوة.
فالدعوة ليست بالمسألة الهينة؛ ولذلك عندما حصل هذا الإهمال في الدعوة، حصل
ما حصل الآن من التفكك والتخاذل؛ لأن الدعوة دخل فيها مَن هب ودب، من الجهَّال
والمغرضين وأصحاب المطامع.
ولا تنجح دعوة لم تتوفر فيها الشروط الإلهية التي اشترطها الله عز وجل، ولا
يبقى إلاَّ الأصلح دائمًا وأبدًا، ولو كثرت الجماعات الدعوية، ما دامت أنها ليست
على الشروط التي اشترطها الله، والمنهج الذي رسمه الله ورسوله، فإنها لا تنجح مهما
بلغت من الكثرة والقوة، وستتلاشى وتصاب بالنكسة والفشل.